للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا الجزء السّابع وهو: التّكبير

وهو مصدر: "كبّر تكبيرا"، إذا قال: "الله أكبر"، ومعناه: الله أعظم من كلّ عظيم.

فإن قلت: إنّ قوله: "الله أكبر"، إن قصد به التّفضيل لم يستقم لأنّه لا مشاركة له في كبير ليصحّ التّفضيل كما لا يخفى، وإن كان بمعنى: كبير، لزم صحّة الإحرام في الصّلاة به، ولم يقل به الأئمة كمالك والشافعي؟، أجيب: بأنّ المقصود به التّفضيل ولا يلزم منه المشاركة فقد يقصد بأفعل التّفضيل التّباعد عن الغير في الفعل لا بمعنى تفضيله بعد المشاركة في أصل الفعل بل بمعنى أنّه متباعد في أصل الفعل متزايد في كماله قصدا إلى تمايزه في أصلّه حتى يفيد عدم وجود أصل الفعل في الغير فيحصل كمال التّفضيل كقوله - تعالى -: ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ (١) في نظائر لذلك.

والكلام في التّكبير فيه مباحث:

أوّلها: في سببه ومحله:

أمّا سببه: فروينا عن البزّي أنّ الأصل في ذلك أنّ النّبي انقطع عنه الوحي فقال المشركون: "قلى محمدا ربّه"، فنزلت سورة «والضحى» فقال النّبي :

"الله أكبر"، تصديقا لما كان ينتظر من الوحي وتكذيبا للكفار، وأمر بعد ذلك أن يكبّر إذا بلغ و «الضحى» مع خاتمة كلّسورة حتى يختم (٢)، تعظيما لله - تعالى - واستصحابا للشّكر وتعظيما لختم القرآن، وقيل: كبّر لمّا رأى من صورة جبريل التي خلقه الله عليها عند نزوله بهذه السّورة، فقد ذكر الإمام أبو بكر محمد بن


(١) يوسف: ٣٣.
(٢) أخرجه البيهقي في الشعب ٢/ ٣٧٠ (٣٧١)، وعزاه في الدر المنثور ٨/ ٥٣٩ للحاكم وابن مردويه والبيهقي، والحديث ضعيف، ولكن تواتر النقل عن ابن كثير يثبت التكبير.

<<  <  ج: ص:  >  >>