ثمّ إنّ الماهر عندهم هو الذي لا يلتزم تقديم شخص بعينه، ولكنّه إذا وقف على وجه لقارئ يبتدئ لذلك القارئ بعينه ثمّ يعطف الأوجه الأقرب على ما ابتدأ به عليه وهكذا إلى آخر الأوجه، ويختصر الأوجه كيف أمكن، ويستوعبها فلا يخل بشيء منها (١).
[واختلف الشيوخ في كيفية الأخذ بالجمع]
فمنهم من كان يرى الجمع بالوقف، وكيفيّته أنّه إذا أخذ في قراءة من قدّمه لا يزال في ذلك إلى الانتهاء إلى وقف يحسن الابتداء بتاليه فيقف ثمّ يعود إلى القارئ الذي بعده إن لم يكن خلفه داخلا في سابقه، ولا يزال حتى يقف على الوقف الذي وقف عليه ثمّ يفعل ذلك بقارئ قارئ حتى ينتهي الخلف، ثمّ يبتدئ بما بعد ذلك الوقف.
ومنهم من كان يري الجمع بالحرف، وكيفيته: أن يشرع في القراءة، فإذا مرّ بكلمة فيها خلف من الأصول أو الفرش أعاد تلك الكلمة بمفردها حتى يستوفي ما فيها من الخلاف، فإن كانت ممّا يسوغ الوقف عليه وقف واستأنف ما بعدها على الحكم المذكور، وإلاّ وصلها بآخر وجه انتهى عليه حتى ينتهي إلى وقف فيقف، وإن كان الخلف ممّا يتعلق/بكلمتين كمدّ المنفصل والسكت على ذي كلمتين، وقف على الكلمة الثّانية واستوعب الخلاف، ثمّ انتقل إلى ما بعدها على ذلك الحكم.
والأوّل مذهب الشّاميين وهو أشدّ في الاستحضار وأسدّ في الاستظهار، وأطول زمانا وأجود إمكانا، والثّاني مذهب المصريين وهو أوثق في استيفاء أوجه الخلاف، وأسهل في الأخذ وأخصر، ولكنّه فيه خروج عن رونق التّلاوة وحسن أدائها.
ولشيخ مشايخنا ابن الجزري مذهب ثالث مركّب من هذين المذهبين وهو أنّه إذا ابتدأ بالقارئ ينظر إلى من يكون من القرّاء أكثر موافقة له، فإذا وصل إلى كلمة بين القارئين فيها خلف وقف وأخرجه معه، ثمّ وصل حتى ينتهي إلى الوقف السّائغ