للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف في ﴿فَأَتْبَعَ سَبَباً﴾ ﴿ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً﴾ (١) فابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وكذا خلف بقطع الهمزة وإسكان التّاء في المواضع الثّلاثة، وافقهم الأعمش، وقرأ الباقون بوصل الهمزة وتشديد التّاء مفتوحة، جعلوه «افتعل»، وأدغموا أوّل التاءين في الأخرى، فقيل: القراءتان بمعنى واحد فيتعديان لمفعول واحد، وقيل: أتبع بالقطع متعد لاثنين حذف أحدهما تقديره: فأتبع سببا سببا آخرا، وفأتبع أمره سببا، ومنه ﴿وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً﴾ (٢) فعدّاه لاثنين، ومن حذف أحد المفعولين:

﴿فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ﴾ (٣)، أي: أتبعوا (٤) جنودهم، والظاهر كما قال في (البحر):

"إنّ القراءتين بمعنى واحد، وعن يونس بن حبيب وأبي زيد أنّه بقطع الهمزة المجد المسرع الحثيث الطلب، وبوصلها إنّما يتضمن الاقتفاء دون هذه الصّفات، وأصل السبب الحبل ثمّ توسع فيه حتى صار يطلق على ما يتوصل به إلى المقصود".

واختلف في ﴿عَيْنٍ حَمِئَةٍ﴾ (٥) فنافع وابن كثير وأبو عمرو وحفص، وكذا يعقوب بالهمز من غير ألف على جعلها صفة مشبهة، يقال: «حمئت البئر» «تحمأ» «حمئّا»، فهي «حمئة» إذا صار فيها الطين، وحمائها نزعت حماتها، وأحماتها أبقيت فيها الحمأة، وفي التوراة: تغرب في [وثاط] (٦)، وهو الحماة، ومنه قول تبع (٧):


(١) الكهف: ٨٥، ٨٩، ٩٢، النشر ٢/ ٣١٤، المبهج ٢/ ٦٨٥، مصطلح الإشارات: ٣٤١، إيضاح الرموز: ٥٠٧، والنقل من الدر المصون ٧/ ٥٤١، البحر المحيط ٧/ ٢٢٠، المحرر الوجيز ٣/ ٥٦٩.
(٢) القصص: ٤٢.
(٣) الشعراء: ٦٠.
(٤) في الدر ٧/ ٥٤١: "أتبعوهم"، وهو الصواب.
(٥) الكهف: ٨٦، النشر ٢/ ٣١٤، مفردة ابن محيصن: ٢٧٢، مصطلح الإشارات: ٣٤١، إيضاح الرموز: ٥٠٧، البحر المحيط ٧/ ٢٢١، الكشاف ٢/ ٧٤٣.
(٦) الصواب بدون واو، والثأط: الطين إذا أصابه الماء ازداد فسادا، تاج العروس ١٩/ ١٧٥.
(٧) البيت من الكامل، وهو لتبع الأكبر اليماني يفتخر بجده الإسكندر ذي القرنين، والثأط الحمأة المختلطة بالماء فتزيد رطوبة وتفسد، والحرمد: الطين الأسود، وهو يقول أن ذي القرنين بلغ مواضع غروب الشمس ومواضع شروقها، يبتغي من الله أسبابا توصله لمقصده فرأى -

<<  <  ج: ص:  >  >>