للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من تغيير الإدغام، فلا يجوز مع امتناعه (١) وفيه هدم القاعدة، وقد حمل بعضهم ما روي عن القرّاء من الإدغام الذي منعه البصريون على الإخفاء، وعورض بكمال التّشديد في ذلك، والخصم موافق على خلوه من المخفي، وكيف يجوز حمل القرّاء على الغلط وقلّة الضّبط؟، هذا ممّا لا يحل اعتقاده، وليس لسان العرب محصورا فيما نقله البصريون فقط، والقراءات لا تتوقف على ما نقلوه، بل القرّاء من الكوفيين يكادون أن يكونوا أكثر من قراء البصرة، وقد وافق كبير البصريين وهو أبو عمرو بن العلاء كثيرا من الكوفيين على إدغام لم يروه البصريون، فوجب قبوله والرّجوع إلى علمه وعلم الكوفيين، إذ من علم ممّن هو من أهل الثّقة والمعرفة والتّمييز حجّة على من لم يعلم، ولا ينبغي أن يجترأ على أئمة القرّاء بأنّهم غلطوا أو بأنّهم جهلوا أو قرءوا ما لم يقرءوه فإنّه قدح في التّواتر.

وأمّا «التّاء»:

ففي عشرة أحرف وهي: «الثّاء»، و «الجيم»، و «الذّال»، و «الزّاي»، «السّين»، و «الشّين»، و «الصّاد»، و «الضّاد»، و «الطّاء»، و «الظّاء»:

ففي الثّاء: في خمسة عشر حرفا نحو: ﴿بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ﴾، ﴿وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ﴾، ﴿ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ﴾ (٢)، واختلف عنه (٣) في ﴿الزَّكاةَ ثُمَّ﴾، و ﴿التَّوْراةَ ثُمَّ﴾ (٤) لأنّهما مفتوحتان بعد ساكن، وكان ابن مجاهد يأخذ بالإظهار لخفّة الفتح بعد السّكون.

وروى الإدغام ابن حبش من طريقي الدّوري والسّوسي للتّقارب، وبالوجهين


(١) يريد الجعبرى أن يقول: إن قلب الراء لاما مترتب على حدوث الإدغام، لا أنه حدث قبل الإدغام، فالقلب أثر الإدغام، فلا يجوز أن يحدث والإدغام ممتنع، لأن ذلك يعتبر هدما للقاعدة، كنز المعاني ٢/ ٢٩٣.
(٢) (البقرة: ٩٢، المائدة: ٣٢)، (آل عمران: ٧٩)، (العنكبوت: ٥٧).
(٣) الضمير في العبارة راجع إلى أبى عمرو بن العلاء.
(٤) البقرة: ٨٣، الجمعة: ٥، على الترتيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>