للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: قد قال أبو شامة: "فمن مد ﴿عَلَيْهِمْ﴾، و ﴿إِلَيْهِمْ﴾، و ﴿لَدَيْهِمْ﴾ (١) ونحو ذلك وصلا أو وقفا فهو مخطئ، وهذا صريح في أنّ اللين لا مد فيه؟ ".

فالجواب: ما أعظمه مساعدا لو كان في محل النّزاع لأنّ النّزاع في الطبيعي، وكلامه هنا في الفرعي، بدليل قوله قبل: "فقد بان لك أنّ حرف المدّ لا مدّ فيه إلاّ إذا كان بعده همز أو ساكن عند من رأى ذلك"، والإجماع على أنّهما سببا الفرعي، وأيضا فهو يتكلم على قول الشّاطبي (٢):

وإن تسكن الياء بين فتح وهمزة …

وليس كلام الشّاطبي إلاّ في الفرعي، بل أقول إنّ في كلام أبي شامة تصريح بأنّ اللين ممدود، وأنّ مدّه قدر حرف المدّ، وذلك أنّه قال في الانتصار لمذهب الجماعة على ورش في قصر اللين: "وهنا لمّا لم يكن فيهما مدّ كان القصر عن مدّ يسير يصيران به على لفظهما إذا كانت حركتهما مجانسة"، فقوله: "على لفظهما" دليل المساواة، وعلى هذا فهو برئ ممّا فهمه السائل من كلامه، وهذا ممّا لا ينكره عاقل " (٣) انتهى.

وإذا تقرّر هذا، فاعلم أنّه لا بدّ للمدّ من شرط وسبب:

فالأوّل: حرفه.

والثّاني: وهو سببه، ويسمى موجبه، وهو: إمّا لفظي أو معنوي.

القسم الأوّل: اللفظي:

وهو نوعان: لأنّه إمّا همز أو سكون.

والأوّل: إمّا مقدم على حرف المدّ أو متأخر عنه.


(١) كما في: الفاتحة: ٧، آل عمران: ٧٧، الجن: ٢٨، إبراز المعاني: ١٢٥.
(٢) الشاطبية البيت: (١٧٩).
(٣) شرح النويري ١/ ٣٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>