للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في عشرين سنة " (١)، وهذا أيضا غريب.

والمعتمد أنّ جبريل كان يعارض النّبي في رمضان بما ينزل به عليه في طول السنة، كذا جزم به الشّعبي فيما أخرجه عنه أبو عبيد، وابن أبي شيبة بإسناد صحيح (٢).

وفي معارضة جبريل النّبي بالقرآن في شهر رمضان حكمتان:

إحداهما: تعاهده.

والثّانية: تبقية ما لم ينسخ منه، ورفع ما نسخ.

فكان رمضان ظرفا لإنزاله جملة، وعرضا، وإحكاما.

وقد أخرج أحمد والبيهقي في الشّعب عن واثلة بن الأسقع (٣) أنّ النّبي قال:

"أنزلت التّوراة لستّ مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت منه، والزّبور لثمان عشرة خلت منه، والقرآن لأربع وعشرين خلت من شهر رمضان " (٤).

وهذا كلّه مطابق لقوله الله - تعالى -: ﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾، ولقوله - تعالى -: ﴿إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ (٥) فيحتمل أن تكون ليلة القدر في تلك


(١) النكت والعيون ٦/ ٣١١، وذكر الماوردي هذا القول عن ابن عباس، والقول بأن الحفظة نجمته على جبريل لا يصح لأنه ليس بينه وبين الله - تعالى - واسطة في نقل القرآن كما هو معلوم.
(٢) انظر: المصنف ١٠/ ٥٦٠ (١٠٣٤٠)، والبخاري من الفتح ٩/ ٣٤ (٧٩٩٤).
(٣) أبو الخطاب، واثلة بن الأسقع بن كعب بن عامر، الصحابي من أهل الصفة، أسلم سنة تسع، وشهد تبوك، روى عنه أبو إدريس الخولاني، ويحيى الذماري، توفي سنة ٨٥ هـ، السير ٣/ ٣٨٦، الاستيعاب ٣/ ٦٤٣، أسد الغابة ٥/ ٤٢٨، الإصابة ٣/ ٦٢٦.
(٤) فتح الباري ٩/ ٥، والحديث تفرد به عمران القطان، قال عنه في مجمع الزوائد ١/ ٢٤٣ (٩٥٩):" ضعفه يحيى ووثقه ابن حبان، وقال أحمد: "أرجو أن يكون صالح الحديث"، وبقية رجاله ثقات "، والحديث رواه أحمد في المسند ٤/ ١٠٧ (١٧٠٢٥)، والبيهقي في شعب الإيمان (٢١٧٢)، والسنن الكبرى ٩/ ١٨٨ (١٩١٢١)، والطبراني في الكبير ١٥/ ٤٥٠ (١٧٦٤٦)، وفي الأوسط ٤/ ١١١ (٣٧٤٠)، وأورده الألباني في الصحيحة ٤/ ١٤٩ (١٥٧٥)، وذكره ابن جرير في تفسيره ٣/ ٤٤٦ (٢٨١٤، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح.
(٥) البقرة: ١٨٥، والقدر: ١، على الترتيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>