للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا «الباء»:

فتدغم من ﴿يُعَذِّبُ﴾ في ميم ﴿مَنْ يَشاءُ﴾ (١) لا غير وذلك في خمسة مواضع:

في آل عمران واحد، وفي المائدة اثنان، وآخر في العنكبوت، والخامس في الفتح لاتحاد مخرج الباء والميم وتجانسهما في الانفتاح والاستفال والجهر وكافأت الغنّة الشّدّة (٢).

وليس منه موضع آخر البقرة (٣) لأنّه ساكن الباء في قراءة أبي عمرو، فهو واجب الإدغام عنه فمحله الإدغام الصّغير لا الكبير.

وفهم من تخصيص باء ﴿يُعَذِّبُ﴾ وميم ﴿مَنْ﴾ إظهار ما عدا ذلك، نحو: ﴿أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً﴾، ﴿سَنَكْتُبُ ما قالُوا﴾، ﴿وَكُذِّبَ مُوسى﴾ (٤).

ووجه تخصيص الخمسة (٥) ثقل ضمّة الفعل بعد كسرة، وقيل: كسرة الذّال، وعورض بنحو: ﴿وَكُذِّبَ مُوسى﴾ (٦)، وقيل: مناسبة لمجاورها المدغم مع صحّة النّقل (٧)، وهو ﴿يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ/لِمَنْ يَشاءُ﴾ (٨)، إمّا قبلها أو بعدها فطرد الإدغام لذلك، ورجح في (النّشر) هذه الأخير، قال: "ومن ثمّ أظهر ما عدا ذلك لفقد المجاور" (٩)، واستظهر لذلك بما جاء عن أبي عمرو من طريق جعفر الأدمي عن ابن سعدان عن اليزيدي من إدغام: ﴿فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ﴾، لما فيه من المجاورة مع


(١) آل عمران: ١٢٩، المائدة: ١٨، ٤٠، والعنكبوت: ٢١، الفتح: ١٤.
(٢) انظر: إيضاح الرموز: ١٠٨.
(٣) البقرة: ٢٨٤: ﴿فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ﴾.
(٤) البقرة: ٢٦، آل عمران: ١٨١، الحج: ٤٤، على الترتيب.
(٥) يريد خمسة الأمثلة التى أدغمت فيها الباء في الميم في عبارة ﴿يُعَذِّبُ مَنْ﴾.
(٦) الحج: ٤٤.
(٧) يريد أن الإدغام أنما كان في هذا المثال بالذات لأنه مسبوق بعبارة وقع فيها الإدغام مثل: ﴿(يَرْحَمُ مَنْ)﴾، ﴿(فَيَغْفِرُ لِمَنْ)﴾، إلى جانب صحة نقل رواية الإدغام فيه.
(٨) المائدة: ٤٠.
(٩) النشر ١/ ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>