للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وهذه خاتمة حسنة]

- إن شاء الله تعالى - في آداب ختم القرآن الكريم وما يتعلق به اعلم ختم الله لي ولك بالحسنى ورزقنا التّعالي في المعالي إلى المحل الأسنى (١) أنّ الخاتمين للقرآن على ثلاثة أحوال:

فمنهم من كان إذا ختم أمسك عن الدعاء، وأقبل على الاستغفار: قيل ليوسف بن أسباط (٢): بأي شيء تدعو إذا ختمت القرآن؟، فقال:" استغفر الله من تلاوتي لأني إذا ختمته ثمّ تذكرت ما فيه خشيت على نفسي المقت فأعدل إلى الاستغفار والتسبيح "، فهذا ومن عمل عمله قوم غلب عليهم الخوف من الله - تعالى - وشهود التّقصير من اليقين في العمل ولم يأمنوا عليها آفات الأعمال، وخشوا مناقشة الحساب، فأقبلوا على الاستغفار، وقنعوا من الثواب على العمل بأن يخرجوا منه كفافا لا لهم ولا عليهم.

ومنهم قوم كانوا إذا ختموا دعوا: وهو مروي عن ابن مسعود وأنس وغيرهما، وهؤلاء قوم غلب عليهم شهود الربوبية لله - تعالى، وشهدوا من أنفسهم حق العبودية لله - تعالى، ووجدوا من أنفسهم الفقر والفاقة إلى ربهم، وعاينوا منه سعة الرّحمة وعموم الفضل للمحسن والمسيء، وسبوغ (٣) النّعم على المقبل والمدبر، فأطمعهم ذلك وقوّى رجاءهم في الله، وعلموا أنّ القرآن شافع مشفع (٤) فلم يلههم أمر ذنوبهم


(١) المعجم الوسيط ١/ ٤٥٧: (سني) سنا وسناء، ارتفع وصار ذا سناء ورفعة وقدر، فهو سني، وهي سنية.
(٢) يوسف بن أسباط، روى عن الثوري وزائدة بن قدامة، وروى عنه المسيب بن واضح، قال عنه أبو حاتم لا يحتج به، ووثقه ابن معين، السير ٩/ ١٧٠، الجرح والتعديل ٩/ ٢١٨.
(٣) سبغ الشيء سبوغا تمّ، وطال، واتسع، يقال: سبغت الدّرع، وسبغ الشعر، وسبغ الذنب، وسبغ المطر، وسبغت النعمة فهو سابغ، وهي سابغة، جمعها: سوابغ، المعجم الوسيط ١/ ٤١٤.
(٤) يقصد قوله :" القرآن شافع مشفع وماحل مصدق .. "، والحديث مروي عن: ابن مسعود: أخرجه الطبراني ٩/ ١٣٢، (٨٦٥٥) قال الهيثمى ٧/ ١٦٤: فيه الربيع بن بدر وهو متروك، -

<<  <  ج: ص:  >  >>