للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحروف الأصول: تسمى حروف الهجاء والتّهجي، وسماها سيبويه (١) والخليل (٢): "حروف العربية" (٣)، أي حروف اللغة العربية، وهي التي يتركّب منها الكلام العربي، وتسمى حروف المعجم (٤)، لأنّها مقطعة لا تفهم إلاّ بإضافة بعضها إلى بعض، أو لأنّها ينقط منها ما ينقط، يقال: أعجمت الحروف، ومعناها حروف الخط المعجم، كما تقول: مسجد الجامع.

ومنهم من يجعل المعجم مصدرا لمعنى الإعجام، وهو من أعجمت الشيء، إذا بينته، فكأنّها مبينة للكلام، والهمزة في أعجمت على هذا المعنى للإزالة، أي: أزلت عجمته، إمّا بنقطه أو شكله، لأنّها ما لم تنقط أو تشكل تكون كأنّها غفل لا يتضح معناها إلاّ بفكر وتدبّر وتأمل، فإنّه كثيرا ما يلتبس منها ما كان متماثل الصّورة/، فلا يتميز بعضه إلاّ بالنّقط أو الشكل، وتسمى هذه الحروف أيضا: حروف أبي جاد.

وهي تسعة وعشرون حرفا، باتفاق البصريين، إلاّ المبرّد، فإنّه جعل الألف همزة محتجا بأنّ كلّ حرف موجود في أوّله اسمه، فالألف أوّلها همزة، ودفع (٥) بأنّه يلزم منه أن تكون الهمزة هاء، لوجود هاء أوّلها، وبأنّ أحدهما يبدل من الآخر، والشيء لا يبدل من نفسه (٦) اه.


(١) عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي، الملقب بسيبويه، ولد سنة ١٤٨ هـ، بشيراز، لزم الخليل بن أحمد، وصنف كتاب "الكتاب" ومات سنة ١٨٠ هـ، الأعلام ٥/ ٨١، وفيات الأعيان ١/ ٣٨٥.
(٢) الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي، أبو عبد الرحمن، ولد سنة ١٠٠ هـ بالبصرة، واضع علم العروض، ألف كتاب العين، ومعاني الحروف، أخذ عنه سيبويه وغيره، مات سنة ١٧٠ هـ، الأعلام ٢/ ٣١٣، وفيات الأعيان ١/ ١٧٢.
(٣) الكتاب لسيبويه ٤/ ٤٣١، كتاب العين للخليل ٧/ ٤٦٤.
(٤) الإتقان ٢/ ٥٩٠، روى الأزهري في التهذيب ١/ ٣٩١ (عجم): إن أبا العباس المبرّد سئل عن حروف المعجم: لم سمّيت معجما؟ فقال: أمّا أبو عمرو الشيباني فيقول: أعجمت: أبهمت، وأمّا الفرّاء فيقول: "هو من أعجمت الحروف".
(٥) انظر الجعبري في كنز المعاني ٥/ ٢٥٦٨، سر صناعة الإعراب ١/ ٤٣، وناقش فيه قول المبرد بأن الهمزة ليست حرفا، ابن يعيش ١٠/ ١٢٦.
(٦) كنز المعاني ٥/ ٢٥٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>