للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القراءات وتوجيهها]

قرأ الجميع ﴿الم * اللهُ﴾ (١) بفتح الميم وإسقاط همزة الجلالة، واختلف في فتحة هذه الميم فمذهب سيبويه والجمهور أنّها حركة التقاء السّاكنين (٢)، فإن قلت: أصل حركة التقاء السّاكنين الكسر فلم عدل عنه؟، أجيب: بأنّه لو كسر لأفضى إلى ترقيق لام الجلالة، والمقصود تفخيمها للتّعظيم فآثر الفتح لذلك، وأيضا فقبل الميم ياء وهي أخت الكسرة، وأيضا فقبل هذه الياء كسرة فلو كسرنا الميم الأخيرة لالتقاء السّاكنين لتوالى ثلاث متجانسات فحرّكوها بالفتح كما حرّكوا في نحو ﴿مِنَ اللهِ،﴾ وأمّا سقوط الهمزة فواضح وبسقوطها التقى ساكنان، وقيل: إنّها حركة نقل، أي نقلت حركة الهمزة التي قبل لام الجلالة على الميم السّاكنة نحو ﴿قَدْ أَفْلَحَ،﴾ وهو مذهب الفرّاء واحتج على ذلك بأنّ هذه الحروف النّيّة بها الوقف، وإذا كان النّيّة بها الوقف فتسكن أواخرها، والنّيّة بعدها الابتداء والاستئناف، فكأنّ همزة الوصل جرت مجرى همزة القطع إذ النّيّة بها الابتداء وهي تثبت ابتداء ليس إلاّ، فلمّا كانت الهمزة في حكم الثابتة، وما قبلها ساكن صحيح قابل لحركتها خففوها بأنّ ألقوا حركتها على السّاكن قبلها (٣).

وعلى الوصل يجوز لكلّ من القرّاء في «الياء» من «ميم» المدّ والقصر باعتبار استصحاب حكم المدّ والاعتداد بالعارض على القاعدة التي تقرّرت في باب المدّ، ولذلك يجوز لورش ومن وافقه على النّقل في ﴿الم * أَحَسِبَ النّاسُ﴾ (٤) الوجهان المذكوران بالقاعدة المذكورة، ورجح القصر من أجل أنّ السّاكن ذهب بالحركة.


(١) آل عمران: ١، ٢، النشر ١/ ٣٥٩، المصطلح: ١٨٠، إيضاح الرموز: ٣١٦.
(٢) الكتاب ٢/ ٢٧٥.
(٣) الدر المصون ٣/ ٦، معاني القرآن للفراء ١/ ٩.
(٤) العنكبوت: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>