للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرّق الدّاني بين الفواصل ورءوس الآي بأنّ:" الفاصلة هي الكلام المنفصل عمّا بعده، والكلام المنفصل قد يكون رأس آية وغير رأس آية، وكذلك الفواصل تكون رءوس آي وغيرها، وكل رأس آية فاصلة، وليس كلّ فاصلة رأس آية "، قال:" فلأجل كون معنى الفاصلة هذا ذكر سيبويه في تمثيل القوافي: ﴿يَوْمَ يَأْتِ﴾، و ﴿ما كُنّا نَبْغِ﴾، وليسا رأس آية إجماعا، مع ﴿إِذا يَسْرِ﴾ (١) وهو رأس آية باتفاق " (٢).

ثمّ أن لمعرفة الفواصل طريقين:

[السماع والقياس]

فأمّا الأوّل: فما روي في حديث أم سلمة عند أبي داود وغيره أن رسول الله كان يقطع قراءته آية آية، وقرأت: ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ إلى ﴿الدِّينِ﴾ تقف عند كلّآية، وظاهره أنّه كان يقطّع قراءته بالوقف على رءوس الآي في الفاتحة وغيرها.

وروى البويطي عنها أنّها قالت: كان رسول الله يقرأ في الصّلاة ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾، آية ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾، آيتين، ﴿الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ ثلاث آيات، ﴿مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾، أربع، وفي رواية إمامنا الشّافعي قالت: قرأ فاتحة الكتاب، فعدّ ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ آية، ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ آية، ﴿الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ آية، ﴿مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾، آية، ﴿إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ آية، ﴿اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾، آية، ﴿صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضّالِّينَ﴾ آية، وكذا عدّ في (المصباح) إلى ﴿الضّالِّينَ﴾.

ومعنى:" يقطع قراءته آية وآيتين وثلاثة "، الوقف على كلّآية، لأنّ الصّلاة ليس فيها كلام أجنبي، وكذا كانت قراءته ، ليعلّم النّاس رءوس الآي.

وأمّا الثّاني وهو القياس: فاعلم أنّ ما وقف عليه دائما تحقّقنا أنّه فاصلة،


(١) الفجر: ٤.
(٢) البيان في عد آي القرآن: ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>