للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا مرية أنّ بمعرفتهما تظهر معاني التّنزيل، وتعرف مقاصده، وتستعد القوة المفكرة للغوص في بحر معانيه، على درر فوائده، وقد قال الهذلي ممّا رأيته في (كامله):" الوقف حليه التلاوة، وزينة القارئ، وبلاغ التّالي، وفهم للمستمع، وفخر للعالم، وبه يعرف الفرق بين المعنيين المختلفين، و [القصبتين المتنافيتين] (١)، والحكمين المتغايرين، وقال أبو حاتم: "من لم يعرف علم الوقف لم يعلم القرآن" (٢)، انتهى.

وقدّموا الوقف على الابتداء، وإن كان مؤخّرا عنه في الرّتبة، لأنّ كلامهم في الوقف النّاشئ عن الوصل، والابتداء النّاشئ عن الوقف، وهو بعده، وأمّا الابتداء الحقيقي فسابق على الوقف الحقيقي، فلا كلام فيهما، إذ لا يكونان إلاّ كاملين، كأوّل السّورة والخطبة، والقصيدة، وأواخرها.

ثمّ إن كلاّ من أئمة الوقف قسّمه بحسب ما سنح له، والذي أعتمده من ذلك وأقول به: إنّ اللفظ إمّا أن يتم، أو لا، الثّاني النّاقص، وقد يسمّى قبيحا، نحو الوقف على: «بسم»، و «رب»، والأوّل إمّا أن يستغني عن تاليه أو لا، والثّاني إمّا أن يتعلق به من جهة المعني فالكافي، أو من جهة اللفظ فالحسن، والأوّل: إمّا أن يكون استغناؤه استغناءا كلّيا أو لا، فالأوّل كامل، كأواخر السّور، و ﴿الْمُفْلِحُونَ﴾ (٣) أوّل البقرة، والثّاني التّام: ك ﴿نَسْتَعِينُ﴾ (٤).

وقد يشترك الحسن والنّاقص في التّعلق اللّفظي، لكن تعلّق النّاقص قد يكون أقوى، فكل حسن ناقص بالنّظر لتاليه، وليس كلّ ناقص حسنا، إذ قد يشتدّ تعلّقه بلاحقه حتى يقبح الوقف عليه، كما يفهم ممّا سيأتي إن شاء الله تعالى.


(١) في (ق) [والعضتين التنافيتين]، وفي باقي المخطوطات [النقيضين المتباينين].
(٢) الكامل: ٦٥، وانظر الوقف والابتدا في كتاب الهذلي: ٣٧٨.
(٣) البقرة: ٥.
(٤) الفاتحة: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>