للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القراءات وتوجيهها]

قرأ ﴿لا أُقْسِمُ﴾ (١) الأولى بحذف الألف من ﴿لا﴾ البزّي بخلف عنه، وقنبل كما نبه عليه بسورة «يونس» (٢)، ووجّهت بأنّ اللاّم جواب لقسم مقدّر، تقديره:

لأنا (٣) أقسم، والفعل للحال؛ فلذلك لم تأت نون التوكيد وهذا مذهب الكوفيين، وأمّا البصريون فلا يجيزون أن يقع فعل الحال جوابا للقسم، فإن ورد ما ظاهره ذلك جعل الفعل خبرا لمبتدإ مضمر، فيعود الجواب جملة اسمية قدّر أحد جزأيها، وهذا عند بعضهم من ذلك، التقدير: والله لأنا أقسم، وأعربه آخرون بأنّه فعل مستقبل، وإنّما لم يأت بنون التوكيد لأنّ أفعال الله - تعالى - حق وصدق، فهي غنية عن التوكيد بخلاف أفعال غيره، على أنّ سيبويه (٤) حكى حذف النّون إلاّ أنّه قليل، والكوفيون يجيزون ذلك من غير قلّة إذ من مذهبهم تعاقب اللاّم والنّون، وقال آخرون: هي لام الابتداء وليست بلام القسم، وقرأ الباقون بإثبات الألف ووجّهت بجعل «لا» نافية لكلام مقدر، كأنّهم قالوا:" أنت مفتر في الإخبار عن البعث "، فردّ عليهم ب:" لا "، ثمّ ابتدأ كلاما آخر فقال:" أقسم "، وقال جار الله:" هي للقسم بمعنى: أنّ الأمر أعظم أو زائد على حد ﴿لِئَلاّ يَعْلَمَ﴾، وخرج بقيد الأولى ﴿وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ﴾ الثّانية كالبلد المتفق على الألف فيهما كالرسم بخلاف الأوّل المختلف في تدوين الألف بعد لا كما سيأتي التنبيه عليه (٥) إن شاء الله - تعالى -.


(١) القيامة: ١، النشر ٢/ ٣٩٣، المبهج ٢/ ٨٦٧، مفردة ابن محيصن: ٣٧٣، مفردة الحسن: ٥٣٨، مصطلح الإشارات: ٥٤١، إيضاح الرموز: ٧١٤، الدر المصون ١٠/ ٥٦٤، كنز المعاني شرح البيت (٧٤٤) ٢/ ١٠٠، الكشاف ٤/ ٦٥٩ ونقل الجعبري منه بالمعنى.
(٢) سورة يونس: ١٦، ٥/ ٧٧.
(٣) في الدر ١٠/ ٥٦٣: [والله].
(٤) الكتاب ٣/ ١٠٤.
(٥) لم يذكره في باب الرسم.

<<  <  ج: ص:  >  >>