للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ إن الخط: "هو تصوير اللفظ بحروف هجائه، بتقدير الابتداء به والوقف عليه" (١).

والهجاء: "هو التّلفظ بأسماء الحروف لا مسمّياتها، لبيان مفرداتها، وجاء الرّسم على المسمى" (٢).

ولمّا كان الخط المحسوس له صورة تدرك بالأبصار، واللّفظ المسموع له صورة بالآذان، ومحل اللّفظ الصّوت، وهو من لدن محلّ الهمزة في أقصى الحلق إلى الشّفتين، ثمّ إلى حيث يبلغ في الوجود، والصّوت يحدث الحروف المقطعة المسموعة في اللفظ، وما وراء الهمزة ففي الصّدر، من الهواء المندفع بالحجاب الذي يكون به التّصويت لا يسمع والهمزة مبتدأ الصّوت فلا صورة لها، لأنّها حدّ بين ما يسمع وما لا يسمع، ولا يتأتى النّطق بها ساكنة، ولا بشيء من الحروف السّاكنة ابتدءا، إلاّ بتقديم الهمزة، فلا بد من حركتها بالضرورة.

والحركات [ثلاث] (٣): النّصب، والرّفع، والخفض، وأوّلها وأخفّها في الحس على النّفس فعل النّصب، لأنّه عن الانفتاح، الذي هو أصل الصّوت، ثمّ يعرض له الضّم والكسر، وأثقلها فعل الرّفع، ودونه فعل الخفض، والفتحة فصل بين الضّمّة والكسرة، وهذه الحركات الثّلاث التي هي في الأصل للهمزة بالاضطراب هي التي تلقى على سائر الحروف السّاكنة بالاختيار، فإذا طوّلت الهمزة بعد الصّوت حدثت حروف المدّ واللّين الثّلاثة، تابعة للحركات الثّلاث، فلها صورة ظاهرة في السمع وهي: الألف والياء والواو، فهذه الحروف الثّلاثة من حيث اتّصلت بالهمزة كانت أوّل الحروف كلّها، لأنّها في مقطع الهمزة، والحروف بعدها في مقاطع أنفسها، وإذا


(١) مختصر التبيين لهجاء التنزيل ١/ ١٣٣، تاريخ القرآن للكردي: ١٢٩، مناهل العرفان ١/ ٤٢٠.
(٢) مختصر التبيين ١/ ١٣٠، تاريخ الكردي: ١٢٩، مناهل العرفان ١/ ٤٢٠.
(٣) في جميع المخطوطات ما عدا (ط) [ثلاثة]، وهو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>