للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله المخصوص بالقرآن المبين، والكتاب المستبين، الجديد على تقادم الأعصار، واللّذيذ على توالي التّكرار، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه، الّذين تلقّوه من فيه الكريم غضا (١)، وواظبوا عليه تلاوة وعرضا (٢)، وضبطوا برسمه في المصاحف لغته الفصيحة، وبذلوا لله وكتابه ورسوله النّصيحة، صلاة وسلاما دائمين، ما وضحت الدّلالة، وحسنت في ذوات الياء الإمالة.

وبعد

فإن القرآن العظيم ينبوع (٣) العلوم ومنشؤها، ومعدن (٤) المعارف ومبدؤها، ومبنى قواعد الشرع وأساسه، وأصل كلّ علم وراسه، والاستشراف (٥) على معانيه لا يتحقق إلاّ بفهم رصفه (٦) ومبانيه، ولا يطمع في حقائقها التي لا منتهى لغرائبها ودقائقها إلاّ بعد العلم بوجوه قراءاته، واختلاف رواياته، ومن ثمّ صار علم القراءات من أجلّ العلوم النّافعات، وإذا كان كلّ علم يشرف بشرف متعلّقة، فلا جرم خصّ أهله الذين هم أهل الله وخاصّته بأنّهم المصطفون من بريّته، والمجتبون (٧) من خليقته، وناهيك بهذا الشّرف الباذخ (٨)، والمجد الرّاسخ (٩)، مع ما لهم من الفضائل اللاّحقة،


(١) الغض: الطري الحديث من كل شيء، الوسيط ٢/ ٦٧٩.
(٢) العرض يكون بقراءة التلميذ على شيخه والشيخ يسمع، والسماع: قراءة الشيخ والتلميذ يسمع ليتعلم.
(٣) الينبوع: عين الماء، جمعه ينابيع، الوسيط ٢/ ٩٣٤، مادة «نبع».
(٤) المعدن: مكان كل شيء فيه أصله ومركزه، ويقال فلان معدن الخير والكرم مجبول عليهما، وجمعه معادن، المعجم الوسيط ٢/ ٦١٠، مادة «عدن».
(٥) استشرف: انتصب وعلا، واستشرف للشيء تعرض، واستشرف الشيء: رفع بصره إليه، وبسط كفه فوق حاجبه، كالمستظل من الشمس، وأصله من الشرف: العلو فإنه ينظر إليه من موضع مرتفع، فيكون أكثر لإدراكه، المعجم الوسيط ١/ ٤٩٩، تاج العروس ٢٣/ ٥٠٥.
(٦) في الأصل و (ج)، وفي غيرها [وصفه]، ورصفه: إذا انضم بعضه إلى بعض فصار محكما.
(٧) اجتباه: اختاره. أساس البلاغة ١/ ٥٣.
(٨) الباذخ: يقال: بذخ الجبل بذوخا علا فبان علوه، ويقال شرف باذخ، الوسيط ١/ ٤٥.
(٩) رسخ رسوخا: ثبت في موضعه متمكنا، الوسيط ١/ ٣٥٦ مادة: رسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>