للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وجّهوا تخصيص إدغام ﴿زُحْزِحَ عَنِ﴾ بكثرة الحروف وتكرار المثلين، ووجّهوا إدغام «الحاء» في «العين» باشتراكهما مخرجا وانفتاحا واستفالا وزادت «العين» بالجهر وبعض الشدّة فحسن الإدغام، لكن عورض بأنّ سيبويه منع إدغام «الحاء» في «العين» لأنّ «الحاء» (١) أدخل في الفم، قال أبو علي: "لا يقلب الأخرج إلى الفم إلى الأدخل إلى الحلق لأنّ الأدخل أثقل، فلو أدغموا الأخرج لقلبوا الأخفّ إلى الأثقل وفي العكس"، قال بعضهم: الصّحيح أنّ إدغام «الحاء» في «العين» لم يثبت، وإن جاء من ذلك ما يوهم أنّه إدغام فإنّما يحمل على الإخفاء، وهذا ليس بشيء، لأنّه قد صحّ الإدغام في ذلك بالنّقل الثّابت الصّحيح كما قدّمناه، ويقوّيه اشتراكهما في المخرج، فالقاعدة المذكورة جارية على الأكثر والأغلب، والقراءة سنّة متبعة (٢).

وأمّا «الجيم»: ففي حرفين:

في الشّين: ﴿أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ (٣) بالفتح/لاشتراكهما مخرجا وتجانسهما انفتاحا واستفالا، وكافأ جهر «الجيم» وشدّتها لتفشّي «الشين».

وفي التّاء في: ﴿ذِي الْمَعارِجِ * تَعْرُجُ﴾ (٤) بسأل، واستضعفها بعضهم بأنّ مخرج الجيم بعيد من مخرج التّاء (٥).


(١) لا يخفى عود الضمير على الحاء، ونص سيبويه لا يشير إلى هذه العله، قال: "العين مع الحاء، كقولك:" اقطع حملا "، الإدغام حسن والبيان حسن، لأنهما من مخرج واحد، ولم تدغم الحاء في العين في قولك:" امدح عرفة "، لأن الحاء قد يفرون إليها إذا وقعت الهاء مع العين، وهى مثلها في الهمس والرخاوة، مع قرب المخرجين، فأجريت مجرى الميم مع الباء، فجعلتها بمنزلة الهاء، كما جعلت الميم بمنزلة النون مع الباء، ولم تقو العين على الحاء، إذ كانت هذه قصبتها، وهما من المخرج الثانى من الحلق، وليست حروف الحلق بأصل للإدغام، ولكنك لو قلبت العين حاء في امدح عرفة: امد حرفة - جاز" الكتاب ٤/ ٥٤١.
(٢) انظر: كنز المعاني ٢/ ٢٦٩، النشر ١/ ٢٩٠.
(٣) الفتح: ٢٩.
(٤) المعارج: ٣، ٤.
(٥) انظر: إيضاح الرموز: ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>