للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الرّابع

تجوز البسملة وعدمها في الابتداء بما بعد أوائل السّور ولو بكلمة لكلّ من القرّاء تخييرا، كذا أطلق التّخيير في الوجهين الشّاطبي كالدّاني، ومنهم من خصّ البسملة عمن فصل بها بين السّورتين كابن كثير وأبي جعفر، وبتركها عمن لم يفصل بها كحمزة وخلف، وكان الشّاطبي يأمر بالبسملة بعد الاستعاذة في قوله - تعالى - ﴿اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ (١)، وقوله ﴿إِلَيْهِ /يُرَدُّ عِلْمُ السّاعَةِ﴾ (٢) لما في ذلك من البشاعة، قال في" وهو اختيار مكّي في غير (التّبصرة)، وينبغي قياسا أن ينهى عن البسملة في قوله - تعالى - ﴿الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ﴾ (٣)، وقوله ﴿لَعَنَهُ اللهُ﴾ (٤)، ونحو ذلك للبشاعة " (٥).

وأمّا الابتداء بما بعد أوّل «براءة» منها فلا نصّ للمتقدمين فيه، وظاهر إطلاق كثير من أهل الأداء كالشاطبي التّخيير فيها، واختار السّخاوي في (جمال القرّاء) الجواز وقال: ألا ترى أنّه يجوز بغير خلاف أن يقول بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ (٦)، وإلى منعها ذهب الجعبري (٧)، وتعقب السّخاوي فقال: إن كان نقلا فمسلّم، وإلاّ فرد عليه لأنّه تفريع على أصل مصادم لتعليله، وتعقب الجعبري بأنّه لعلّة لم يقف على كلامه، وإلاّ فهو قد أقام الدّليل على جوازها في أوّلها كما تقدّم، وإذا تأصّل ذلك بني عليه هذا، وقد أفسد أدلة المانعين وألزمهم القول بها قطعا، وليس هذا مصادم لتعليله لأنّه لم يقل بالمنع حتى يعلله فكيف يكون له تعليلا والله أعلم (٨).


(١) البقرة: ٢٥٥.
(٢) الشورى: ٤٧.
(٣) البقرة: ٢٦٨.
(٤) كما في النساء: ١١٨، المائدة: ٦٠ وغيرها.
(٥) النشر ١/ ٢٦٦، التيسير: ١٨.
(٦) التوبة: ٣٦.
(٧) كنز المعاني ١/ ١٩١، جمال القراء ٢/ ٤٨٤.
(٨) النشر ١/ ٢٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>