للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا الجزء الخامس وهو: مرسوم الخط

فهو أحد أركان القرآن الثّلاثة التي عليها مدارها، وقد سئل مالك: هل يكتب المصحف على ما أحدثه النّاس من الهجاء؟، فقال: "لا، إلاّ على الكتبة الأول" (١).

وقال أيضا، وقد سئل عن الحروف في القرآن كالواو والألف: "أترى أن يغير في المصحف؟ "، قال: "لا" (٢)، والمراد: المزيد في الرّسم غير الملفوظ به ك ﴿يا أُولِي الْأَلْبابِ﴾، و ﴿أُولاتِ﴾، و ﴿الرِّبا﴾ (٣)، وقال بعضهم: هذا كان في الصّدر الأوّل، والعلم غض (٤) حي، وأمّا الآن فقد يخشى الالتباس، ولذا قال الشّيخ عز الدين بن عبد السّلام: "لا تجوز كتابة المصحف الآن على المرسوم الأوّل باصطلاح الأئمة، لئلا يوقع في تغيير من الجهّال" (٥)، وهذا لا ينبغي إجراؤه على إطلاقه لئلا يؤدي إلى دروس العلم، ولا يترك شيء أحكمه السّلف مراعاة لجهل الجاهلين، لا سيّما وهو أحد الأركان التي عليها مدار القراءات، وقد قال البيهقي في (شعبه): "من كتب مصحفا فينبغي أن يحافظ على الهجاء الذي كتبوا به تلك المصاحف ولا يخالفهم فيها، ولا يغيّر شيئا ممّا كتبوه، فإنّهم كانوا أكثر علما، وأصدق قلبا ولسانا، وأعظم أمانة منّا، فلا ينبغي أن نظنّ بأنفسنا استدراكا عليهم" (٦).

وقد أرشدنا الله تعالى بقوله: ﴿الم * ذلِكَ الْكِتابُ﴾، مع قوله ﴿وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾ (٧)، إلى أنّ طريق تخليد كتابه العزيز تدوينه بالكتابة، وأيّد ذلك قوله /فيما رواه


(١) المقنع: ٩، الإتقان ٦/ ٢١٩٩.
(٢) المقنع: ٢٨.
(٣) آل عمران: ١٨، الطلاق: ٦، البقرة: ٢٧٥.
(٤) الغض: الطري الحديث من كل شيء، المعجم الوسيط ٢/ ٦٥٤.
(٥) البرهان في علوم القرآن ١/ ٣٧٩.
(٦) شعب الإيمان ٤/ ٢١٩.
(٧) البقرة: ١، ٢، ٢٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>