للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطّبراني وأبو نعيم في الحلية وغيرهما من حديث ابن عمر: "قيدوا العلم بالكتاب" (١) أي بالكتابة، وهما مصدرا «كتب»، فدلّ هذا على مشروعية كتابة القرآن العظيم وغيره من العلوم الإسلامية، فصارت الكتابة هي السّبب إلى تخليد كلّ فضيلة، والوسيلة إلى توريث كلّ حكمة جليلة، وحرز مودع لا يضيع المستودع فيه، وكنز لا يعتريه نقص ممّا تصطفيه، وعمدة يرجع إليها عند النسيان، إذ لا يطرأ عليها ما يطرأ على الأذهان، لا أنّها المعتمد، بل تكون لرد الشّارد، كالمستند، تنقل علوم الأولين إلى الآخرين، وتلحق آثار الأمم السّالفة بالقرون الماضين، تخاطبك بلسان الحال عند تعذّر المقال، فكان الميّت منهم حي بهذا الاعتبار، والمفقود موجود بتجدد الأخبار، توقفك على أخبار الأجواد، ومواقف الشجعان والأطواد (٢):

إنّي سألت عن الكرام فقيل لي … إنّ الكرام رهائن الأرماس

ذهب الكرام وجودهم ونوالهم … وحديثهم إلاّ من القرطاس

وقد قال أبو الحسين بن فارس (٣) في كتاب فقه اللغة: "يروى أنّ أوّل من كتب الكتاب العربي والسّرياني والكتب كلّها آدم قبل موته بثلاثمائة سنة كتبها في طين وطبخه، فلمّا أصاب الأرض الغرق وجد كلّ قوم كتابا فكتبوه، فأصاب إسماعيل الكتاب العربي، وكان ابن عباس يقول: أوّل من وضع الكتاب العربي


(١) أخرجه الطبراني في الكبير ١/ ٢٤٦ (٧٠٣) عن أنس، الحاكم ١/ ١٨٨ (٣٦٠) عن عمر ١/ ١٠٦ (٣٦١) عن أنس ١/ ١٨٨ (٣٦٢) عن ابن عمرو، الدارمي ١/ ١٣٨ (٤٩٧) عن عمر وقال: حسين أسد إسناده ضعيف فيه عنعنة ابن جريج، مصنف ابن أبي شيبة ٩/ ٤٩ (٢٦٩٥٥) عن عمر، (٢٦٩٥٦) عن ابن عباس، مسند الشهاب ٢/ ٤٩٦ (٥٩٨)، وهو في الصحيحة للألباني ٥/ ٢٥ (٢٠٢٦).
(٢) الطود: الثبات والجبل العظيم الذاهب صعدا في الجو ويشبه به غيره من كل مرتفع أو عظيم أو راسخ، (ج) أطواد وطودة، المعجم الوسيط ٢/ ٥٦٩.
(٣) أحمد بن فارس بن زكريا القزويني، كان نحويا أخذ من أبي الحسن القطان وغيره، ألف الصاحبي في اللغة، ومعجم مقاييس اللغة، ولد سنة ٣٢٩ هـ، ومات سنة ٣٩٥ هـ، الأعلام ١/ ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>