للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقوله :" من حج فلم يرفث ولم يفسق " (١)، وأنّه لم يذكر الجدال" (٢)، وهذا الذي ذكره الزّمخشري ذهب إليه صاحب هذه القراءة إلاّ أنّه أفصح عن مراده، قال أبو عمرو بن العلاء أحد قرائها: الرّفع بمعنى: فلا يكون رفث ولا فسوق أي شيء يخرج من الحج، ثمّ ابتدأ النّفي فقال: ﴿وَلا جِدالَ﴾ فأبو عمرو لم يجعل النّفيين الأوّلين نهيا، بل تركها على النّهي الحقيقي، فمن ثمّ كان في قوله هذا نظر فإنّ جملة النّفي ب (لا) التنزيه قد يراد بها النهي أيضا، والذي يظهر في الجواب عن ذلك ما نقله أبو عبد الله الفاسي عن بعضهم فقال: "وقيل: الحجة لمن رفعها أنّ النّفي فيهما ليس بعام إذ قد يقع الرفث والفسوق في الحج من بعض النّاس بخلاف نفي الجدال فإنّه عام لاستقرار قواعده" (٣) انتهى.

والرفث بالفرج الجماع، وباللسان المواعدة للجماع، وبالعين الغمز للجماع، وهو هنا مواعدة للجماع، والتعريض للنّساء به.

وأثبت ياء ﴿وَاِتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ﴾ (٤) أبو عمرو وكذا أبو جعفر في الوصل، وافقه الحسن، وأثبتها في الحالين يعقوب.

وعن ابن محيصن والحسن «ويشهد الله» (٥) بفتح الياء والهاء، و «الله» بالرّفع فاعلا أي: ويطّلع الله على ما في قلبه من الكفر (٦)، والجمهور على ضمّ حرف المضارعة وكسر الهاء من «أشهد»، ونصب الجلالة مفعولا به، ومعناه: يحلف بالله ويشهده أنّه صادق، وقد جاءت الشهادة بمعنى القسم في آية اللعان، قيل: فيكون اسم الله منتصبا


(١) الحديث أخرجه مسلم ٤/ ١٠٧ (٣٣٥٨).
(٢) الكشاف للزمخشري ١/ ٢٧١، والنقل بتصرف.
(٣) الكتاب ٢/ ٢٧٥، شرح الفاسي على الشاطبية ٢/ ١٢٥، الدر المصون ٢/ ٣٠٦.
(٤) البقرة: ١٩٧، النشر ٢/ ١٨١، إيضاح الرموز: ٣١٤، مصطلح الإشارات: ١٧٨.
(٥) البقرة: ٢٠٤، المبهج ١/ ٤٩٥، مفردة ابن محيصن: ٢١٣، مفردة الحسن: ٢٢٧، إيضاح الرموز: ٢٩٧، مصطلح الإشارات: ١٦٣، الدر المصون ٢/ ٢٣٨.
(٦) الدر المصون ٢/ ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>