للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختلف: هل المصاحف مشتملة على الأحرف السّبعة أو على بعضها؟.

فمال القاضي أبو بكر بن الباقلاني إلى الأوّل وصحّحه (١)، وتبعه جماعة منهم الجعبري لئلا تجتمع الصّحابة على ترك قراءة قبض رسول الله عليها، وصرّح الطّبري وجماعة بالثّاني وهو المعتمد (٢).

وأجيب/عن حجة الأوّلين بأنّ القراءة على الأحرف السّبعة لم تكن على سبيل الإيجاب بل على سبيل الرّخصة، ويدلّ له قوله في الحديث: "فاقرءوا ما تيسر منه" (٣)، والحق كما في (فتح الباري) و (النشر) و (المنجد) وغيرهم، واللفظ للأوّل: "أنّ الذي جمع في المصحف هو المتفق على إنزاله المقطوع به المكتوب بأمر النّبي ، وفيه بعض ما اختلف فيه من الأحرف السّبعة لا جميعها كما وقع في المصحف المكي «تجرى من تحتها الأنهار» (٤) في براءة، وفي غيره بحذف من، وكذا ما وقع من اختلاف مصاحف الأمصار من عدة واوات ثابتة في بعضها دون بعض، وعدة هاءات ونحو ذلك، وهو محمول على أنّه نزل بالأمرين معا، وأمر النّبي بكتابته لشخصين، أو أعلم بذلك شخصا واحدا وأمره بإثباتهما على الوجهين، وما عدا ذلك من القراءات مما لا يوافق الرسم فهو مما كانت القراءة جوّزت به توسعة على النّاس وتسهيلا فلما آل الحال إلى ما وقع من الاختلاف في زمن عثمان وكفّر بعضهم بعضا اختاروا الاقتصار على اللّفظ المأذون في كتابته وتركوا الباقي".

قال الطّبري: "وصار ما اقتصر (٥) عليه الصّحابة من الاقتصار كمن اقتصر مما خيّر فيه على خصلة واحدة" (٦) اه.


(١) انظر: الانتصار: ١/ ٦٠، وجمال القراء ١/ ٢٣٩، كنز المعاني ٢/ ٣٠.
(٢) تفسير الطبري ١/ ٦٣، والمرشد الوجيز ٢٤١، الأحرف السبعة للعتر: ٢٧٦.
(٣) متفق عليه، البخاري ٦/ ٢٢٧ (٤٩٩٢)، مسلم ٢/ ٢٠٢ (١٨٥٢).
(٤) التوبة: ١٠٠.
(٥) في الفتح ٩/ ٣٠ [اتفق].
(٦) الفتح ٩/ ٣٠، تفسير الطبري ١/ ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>