للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكوفة، وحبس بالمدينة، واحد، وأحرق ما سوى ذلك" (١).

وإنّما أمر بإحراق ما سوى المصحف الذي استكتبه والمصاحف التي نقلت منه و [سوى] (٢) الصّحف التي كانت عند حفصة خشية أن يقع لأحد منها توهّم أنّ فيها ما يخالف المصحف الذي استقرّ عليه الأمر، وكانت كتابتهم هذه المصاحف بإجماع منهم على اللفظ الذي استقر في العرضة الأخيرة التي قرأ بها رسول الله على جبريل عام قبض دون ما أذن فيه، وعلى ما صحّ مستفاضا عنه دون غيره قطعا لمادة الخلاف، فصار ما يخالف خط المصحف في حكم المنسوخ والمرفوع كسائر ما نسخ ورفع فليس لأحد أن يتعد الرسم (٣).

وجرّدوا كتابتها من النقط والشكل ليحتمل ما صحّ نقله وثبتت تلاوته عن النّبي ؛ إذ كان الاعتماد على الحفظ لا على مجرد الخط وقرأ أهل كلّ مصر بما في مصحفهم، وأخذوا ما فيه عن الصّحابة الذين أخذوه من فيّ رسول الله .

وكان أوّل من أحدث نقط المصحف وشكله الحجّاج بأمر عبد الملك بن مروان كما قاله ابن عطية في (تفسيره)، وزاد تحزيبه، وقيل: إنّه أمر وهو وال على العراق الحسن ويحيى بن يعمر (٤) بذلك، وقيل: أبو الأسود الدؤلي (٥)، وقيل: إنّ المأمون العباسي أمر بوضع الأعشار، وقيل: الحجّاج (٦).


(١) المصاحف ١/ ١٤٢ (١١٦)، الفتح ٩/ ٢٠.
(٢) زيادة يقتضيها السياق من الفتح ٩/ ٢١.
(٣)، انظر الفتح ٩/ ٢٠، ٢١، ٣٠.
(٤) يحيى بن يعمر، أبو سليمان العدواني البصري، عرض على ابن عمر، وابن عباس، عرض عليه أبو عمرو بن العلاء، توفي قبل سنة ٩٢٠ هـ، انظر: الغاية ٢/ ٣٨١، المعرفة ١/ ١٦٢، السير ٤/ ٤٤١.
(٥) ظالم بن عمرو، ولد أيام النبوة، حدث عن عمر وعلي، وعنه نصر بن عاصم، ويحيى بن يعمر، قاتل مع علي يوم الجمل، مات سنة ٦٩ هـ، انظر: سير أعلام النبلاء ٤/ ٨١، وفيات الأعيان ٢/ ٥٣٥.
(٦) المحرر الوجيز ١/ ٥٠، والنقل بتصرف كبير.

<<  <  ج: ص:  >  >>