للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقدّم النّفي عليهما، و ﴿(فِي الْحَجِّ)﴾ خبر المبتدأ الثّالث، وحذف خبر المبتدأ الأوّل، والثّاني لدلالة خبر الثّالث عليها، وقرأ الباقون بالفتح في الثّلاثة على أنّ (لا) هي التي للتبرئة (١)، وسبق أوّل هذه السّورة (٢).

وهل فتحة الاسم فتحة إعراب أم بناء؟، قولان: الثّاني للجمهور، وإذا بني معها فهل المجموع منها، ومن اسمها في موضع رفع بالابتداء، وإن كانت عاملة في الاسم النصب على الموضع ولا خبر لها، أو ليس المجموع في موضع مبتدأ بل (لا) عاملة في الاسم النصب على الموضع وما بعدها خبر ل (لا) لأنّها أجريت مجرى (إن) في نصب الاسم ورفع الخبر، قولان: الأوّل قول سيبويه، والثّاني قول الأخفش (٣)، وعلى هذين المذهبين يترتب الخلاف في قوله ﴿فِي الْحَجِّ،﴾ فعلى مذهب سيبويه يكون في موضع خبر المبتدأ، /وعلى رأي الأخفش يكون في موضع خبر (لا)، وأمّا من رفع الأولين وفتح الثّالث: فالرّفع على ما تقدّم وكذلك الفتح إلاّ أنّه ينبغي أن ينتبه لشيء وهو: إنّا إذا قلنا: بمذهب سيبويه من كون (لا) وما بني معها في موضع الابتداء يكون ﴿فِي الْحَجِّ﴾ خبرا عن الجميع إذ ليس فيه إلاّ عطف مبتدأ على مبتدأ.

وأمّا على مذهب الأخفش: فلا يجوز أن يكون ﴿فِي الْحَجِّ﴾ إلاّ خبرا للمبتدأين أو خبرا ل (لا) ولا يجوز أن يكون خبرا للكلّ لاختلاف الطّالب لأنّ المبتدأ يطلب خبرا له، و (لا) تطلب خبرا لها، وإنّما قرءوا كذلك (٤).

قال الزمخشري: "حملا للأوّلين على معنى النّهي كأنّه قيل:" فلا يكونن رفث ولا فسوق والثالث على معنى الإخبار بانتفاء الجدال كأنّه قيل:" ولا شك ولا جدال في الحج "، واستدل على أنّ المنهي عنه هو الرّفث والفسوق دون الجدال


(١) هكذا في جميع المخطوطات والدر المصون ٢/ ٣٠٤، وفي الأصل [للتنزيه].
(٢) مفردة الحسن: ٢٢٦، الدر المصون ٢/ ٣٠٣.
(٣) معاني القرآن للأخفش ١/ ١٦، الكتاب ١/ ٣٤٥.
(٤) الدر المصون ٢/ ٣٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>