للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلاّ ما جاء عن شجاع ومدين من إدغام [الثّلاثة الأوّل] (١).

وقد ذهب الخليل وسيبويه وأصحابه إلى أنّه لا يجوز إدغام الرّاء في اللاّم من أجل التّكرير في الرّاء الذي صيّرها أقوى من اللاّم، والقويّ لا يدغم في الضّعيف، وعورض بإدغام ﴿أَحَطْتُ﴾ (٢) إجماعا إذ الطّاء أقوى، ولئن سلّمنا أنّ القوي لا يدغم في الضّعيف فلا نسلّم أنّ التّكرير يقوّيها لأنّه أمر عدمي لأنّه عارض فيها لا متأصّل، ويدلّ له أنّ الرّاء - كما تقدّم في باب المخارج - تخرج من ظهر اللسان وما يليه من الحنك الأعلى، فينبغي للاّفظ - كما قالوا - أن يحكم إلصاقها وإلاّ ارتعد رأس اللسان فحصل بكل مرّة راء فيتعدد، وهو لحن لا يجوز لما يترتب عليه من الزّيادة في القرآن، فمعنى قولهم:" حرف مكرر "، أي له قبول التّكرّر ولو سلّم، فتكرار الحرف لا يكسب ذاته قوة (٣).

وقد أجاز الكسائي والفراء الإدغام وحكياه سماعا، ووافقهما على سماعه رواية أبي عمرو ويعقوب الحضرمي، وكذا أجازه وسمعه من العرب أبو جعفر الرؤاسي (٤) وهو إمام من أئمة اللغة والعربية من الكوفيين.

ووجهه أبو حيّان بأنّ الرّاء إذا أدغمت في اللاّم صارت لاما، ولفظ اللاّم أسهل من لفظ الرّاء لعدم التّكرار، وإذا لم تدغم ثقل ذلك لأجل أنّ الرّاء فيها تكرار فكأنّها راء أنّ واللاّم قريبة من الرّاء فتصير كأنّك قد أتيت بثلاثة أحرف من جنس واحد.

لكن قال الجعبري: من احتجّ بأن الرّاء قلبت لاما ثمّ أدغمت ممنوع، لأنّ القلب


(١) ما بين المعقوفين من (أ)، وفي باقي المخطوطات [اللام]، والنص في النشر ١/ ٢٩٢، وانظر التيسير: ٣٢٨.
(٢) النمل: ٢٢.
(٣) انظر الكتاب ٤/ ٤٣٥، كنز المعاني ٢/ ٢٩٣، البحر المحيط ٢/ ٣٦٢، إدغام القراء: ٣٩.
(٤) محمد بن أبي سارة، أستاذ الكسائي والفراء، وسمي الرؤاسي لكبر رأسه، له كتاب معاني القرآن، وكتاب الفيصل، الغاية ٢/ ٦١١، بغية الوعاة ١/ ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>