للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسحاق إنّ هذه السّورة التي جاء بها جبريل إلى رسول الله حين تبدّى له في صورته التي خلقه الله عليها ودنا إليه وتدلّى منهبطا وهو بالأبطح (١)، وهذا قوي جدا، إذا التّكبير إنّما يكون غالبا لأمر عظيم أو مهول، والأوّل رواه الحافظ أبو العلاء بإسناده إلى أحمد بن فرح عن البزّي، وكذا رواه غيره، لكن قال الحافظ عماد الدين ابن كثير: "أنّه لم يرد بإسناد يحكم عليه بصحة ولا ضعف" (٢)، ومراده كما في (النّشر) كون هذا سبب التّكبير، وإلاّ فانقطاع الوحي مدّه أو إبطاؤه مشهور، وروينا أيضا عن أحمد بن فرح قال: حدثني بن أبي بزّة بإسناده أنّ النّبي أهدى إليه قطف عنب جاء قبل أوانه فهمّ أن يأكل منه فجاءه سائل فقال: أطعموني ممّا رزقكم الله قال: فسلّم إليه العنقود، فلقيه بعض أصحابه فاشتراه منه وأهداه للنّبي فعاد السّائل إلى النّبي فسأله فأعطاه إيّاه فلقيه رجل آخر من الصّحابة فاشتراه منه وأهداه للنّبي فعاد السائل فانتهره فانقطع الوحي عن النّبي أربعين/صباحا فقال المنافقون: "قلى محمدا ربّه"، فجاء جبريل فقال: "اقرأ يا محمد"، قال: "وما أقرأ"، قال: اقرأ:

«والضّحى»، فلقنه السّورة، فأمر النّبي أبيّا لمّا بلغ «والضّحى» أن يكبّر مع خاتمة كلّ سورة حتى يختم، وهو حديث معضل غريب جدّا بهذا السّياق، وهو ممّا انفرد به ابن أبي بزة (٣).

وقد كان تكبيره آخر قراءة جبريل وأوّل قراءته ، ومن ثمّ تشعّب الخلاف في محله:


(١) الأبطح بفتح الهمزة وسكون الموحدة، وطاء مفتوحة وآخره حاء، جزع من وادي مكة بين المنحنى إلى الحجون، ثم تليه البطحاء إلى المسجد الحرام وكلاهما من المعلاة ثم المسفلة من المسجد الحرام على قوز المكاسة - الرمضة - قديما ومنه الآن شارع الأبطح عليه طريق الحجاج من المسجد الحرام إلى منى، وكل مسيل فيه دقاق الحصي فهو أبطح، انظر: المعالم الجغرافية الواردة في السيرة ١/ ٣٥، معجم ما استعجم ١/ ٢٥٧، معجم البلدان ١/ ٧٤.
(٢) تفسير ابن كثير ٤/ ٥٥٧.
(٣) انظر: النشر ٢/ ٤٠٩، والحديث في الضعيفة للألباني ١٣/ ٣٠٢ (٦١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>