للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرأت عليه السّبع تسعين ختمة … بدأت ابن عشر ثمّ أكملت في عشر

وقد كان السّلف لا يجمعون رواية إلى أخرى، وإنّما ظهر جمع القراءات في ختمة واحدة في أثناء المائة الخامسة في عصر الدّاني وابن شيطا واستمرّ إلى هذه الأزمان، واستقرّ عليه العمل عند أهل الإتقان لقصد سرعة التّرقي، لكنه مشروط بإفراد القراءات وإتقان الطريق والروايات على النّحو الذي ذكرته.

وقد كانوا في الصدر الأوّل لا يزيدون القارئ على عشرآيات، ويشهد له قول الخاقاني (١):

وحكمك بالتّحقيق إن كنت آخذا … على أحد ألاّ تزيد على عشر

وكان كثير من/المشايخ يأخذون في الإفراد بجزء من أجزاء مائة وعشرين جزءا، وفي الجمع بجزء من أجزاء مائتين وأربعين جزءا، والصّواب الأخذ في ذلك بحسب قوة الطالب من غير حد ولا عدّ، فقد روينا أنّ أبا العباس بن الطحان قرأ على شيخه أبي العباس بن نحلة ختمة بحرف أبي عمرو في يوم واحد، وأنّ ابن مؤمن قرأ على الصّائغ القراءات جمعا بعدة كتب في سبعة عشر يوما، وأنّ المكين الأسمر قرأ على أبي إسحاق بن وثيق الأشبيلي ختمة بالقراءات السبع في ليلة واحدة، وأنّ ابن الجزري قرأ على الصّائغ من أوّل النّحل ليلة الجمعة، وختم ليلة الخميس في ذلك الأسبوع جمعا للقراءات السبع بالشّاطبية والتّيسير والعنوان، وأنّ آخر مجلس ابتدأ فيه بأوّل الواقعة حتى ختم (٢).

فإذا أحكم القارئ القراءات إفرادا وصار له بالتلفظ بالأوجه ملكة من غير تكلف وأراد أن يحكمها جمعا فليرض نفسه ولسانه فيما يريد أن يجمعه، ولينظر ما في ذلك من الخلاف أصولا وفرشا، فما أمكن فيه التّداخل اكتفى منه بوجه، وما لم يمكن فيه


(١) المنظومة الخاقانية، مكتبة أولاد الشيخ: ٣٠.
(٢) النشر ٢/ ١٩٥، بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>