للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولمّا توفي النّبي وقام بالأمر بعده الصديق، وقتل من الصّحابة جمع كثير في قتال أهل الردة، وأصحاب مسيلمة؛ أشير على الصديق بجمع القرآن بالكتابة كما روى عن زيد بن ثابت قال: أرسل إلىّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إنّ عمر أتاني فقال: إنّ القتل قد استحرّ يوم اليمامة بقرّاء القرآن، وإنّي أخشى إن استحرّ بهم القتل بالمواطن كلّها فيذهب كثير من القرآن، وإنّي أرى أن تأمر بجمع القرآن، قلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله ؟، قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر، قال زيد: قال أبو بكر: إنّك رجل شاب عاقل لا نتّهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول/الله تتبّع القرآن فاجمعه، فو الله لو كلّفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علىّ ممّا أمرني به من جمع القرآن قلت:

كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله ؟، قال: هو والله خير، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، فتتبّعت القرآن أجمعه من العسب، واللّخاف، وصدور الرّجال حتى وجدت آخرسورة [التوبة] (١) مع أبي (٢) خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره: ﴿لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ﴾


(١) في الأصل: توبة.
(٢) قال محققي الجزء الأول من اللطائف: "وردت روايات تذكر (أبا خزيمة الأنصاري)، وروايات أخرى تذكر (خزيمة بن ثابت الأنصاري)، وعلى الرغم من أن ابن حجر في فتح الباري قال في ٨/ ٢٧٧ ما نصه:" والتحقيق ما قدمناه عن موسى بن إسماعيل أن آية التوبة مع أبي خزيمة، وآية الأحزاب مع خزيمة - فإن ابن حجر نفسه قد أورد في الإصابة ٢/ ١١٢ رواية عن الخطيب قال: "وجزم الخطيب بأنه ليس من الصحابة من يسمى خزيمة، واسم أبيه ثابت سوى ذي الشهادتين"، فإذا رجعنا إلى الإصابة في ترجمة خزيمة بن ثابت بن الفاكه الأنصاري الأوسي، أبو عمارة، ذو الشهادتين، والذي قتل بصفين، وقارنا هذه المعلومات بما ورد في تقريب التهذيب ١/ ٢٢٣، لنفس المؤلف حيث قال: إن أبا خزيمة يكنى أبا عمارة المدني، وهو ذو الشهادتين - علمنا بذلك أن خزيمة بن ثابت وهو أبو خزيمة الأنصاري، وليس من الممكن في ضوء هذه الحقائق الفصل بينهما، كما فعل ابن حجر حين نسب آية التوبة لأبي خزيمة وآية الأحزاب لخزيمة، فأوهم أنهما صحابيان لا صحابي واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>