للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأ ﴿رَؤُفٌ﴾ (١) بقصر الهمزة على وزن «ندس» أبو عمرو وأبو بكر وحمزة والكسائي وكذا خلف ويعقوب، وافقهم اليزيدي والمطّوّعي عن الأعمش.

واختلف في ﴿وَضَعَتْ﴾ (٢) فابن عامر وأبو بكر وكذا يعقوب بإسكان العين وبتاء المتكلم وهو من كلام أم مريم خاطبت بذلك نفسها تسلّيا لها، واعتذارا لله حيث أتت بمولود لا يصلح لما نذرته من سدانة بيت المقدس، وفيه التفات من الخطاب إلى الغيبة؛ إذ لو جرت على مقتضى قولها:" رب "؛ لقالت:" وأنت تعلم "، وقرأ الباقون بفتح العين وبتاء التّأنيث السّاكنة على إسناد الفعل لضمير «مريم»، وهو من كلام الباري - تعالى -، وفيه تنبيه على عظم قدر هذا المولود وأنّ له شأنا لم تعرفيه ولم تعرفي إلاّ كونه أنثى لا غير دون ما يؤول إليه من أمور عظام وآيات واضحة.

وفتح ياء الإضافة من ﴿مِنِّي إِنَّكَ﴾ و ﴿اِجْعَلْ لِي آيَةً﴾ (٣) نافع وأبو عمرو وكذا أبو جعفر، وسكّنها الباقون.

واختلف في ﴿وَكَفَّلَها﴾ (٤) كعاصم وحمزة والكسائي، وكذا خلف بتشديد الفاء على أنّ الفاعل هو الله - تعالى - إذ الضّمير راجع إلى «رَبُّها»، والهاء ل ﴿(مَرْيَمَ)﴾ مفعوله الثّاني، و ﴿زَكَرِيّا﴾ مفعوله الأوّل أي جعله كافلا لها وضامنا لمصالحها، وذلك أنّ أمها لمّا ولدتها حملتها إلى المعبد فتنافسوا فيها رغبة فاقترعوا فألقوا أقلام الوحي بنهر فارتفع قلم زكريا دونهم بإذن الله - تعالى - فكأنه ألزمه بها، وافقهم الأعمش، وقرأ الباقون بالتّخفيف من الكفالة على إسناد الفعل إلى زكريا والهاء مفعوله على حدّ ﴿أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ،﴾ ولا مخالفة بين القراءتين لأنّ الله لمّا كفلها إياه كفلها.


(١) آل عمران: ٣٠، إيضاح الرموز: ٣١٩، الدر المصون ٢/ ١٤٢، والندس: الفطن.
(٢) آل عمران: ٣٦، النشر ٢/ ٢٤٠، مصطلح الإشارات: ١٨٢، إيضاح الرموز: ٣١٩، المبهج ١/ ٥١٩، الدر المصون ٣/ ١٣٥.
(٣) آل عمران: ٣٥، ٤١، النشر ٢/ ٢٤٨، مصطلح الإشارات: ١٩٧، إيضاح الرموز: ٣٣٦.
(٤) آل عمران: ٣٧، النشر ٢/ ٢٤٠، المبهج ١/ ٥١٩، مصطلح الإشارات: ١٨٢، إيضاح الرموز: ٣٢٠، الدر المصون ٣/ ٣٥٥، كنز المعاني ٣/ ١٣١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>