للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاجتلبت همزة الوصل فصار «ادّارك» فنتقل من «تفاعل» إلى «افتعال»، والمعنى تتابع حتى استحكم، أو تتابع حتى انقطع من تدارك بنو فلان إذا تتابعوا في الهلاك، وافقهم الأعمش، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وكذا أبو جعفر ويعقوب بهمزة واحدة مقطوعة مفتوحة وإسكان الدّال مخففة من غير ألف بعدها على وزن «أحمر»، ويحتمل أن يكون «أفعل» هنا بمعنى «تفاعل» فتتحد القراءتان، وقيل: ادرك بمعنى بلغ وانتهى، وفنى من قولهم: أدركت الثمرة لأنّها تلك غايتها التي عندها تعدم، وافقهم اليزيدي والحسن.

وعن ابن محيصن «أادرك» بهمزة ثمّ ألف بعدها وأصلها همزتان أبدلت ثانيتهما ألفا تخفيفا، كراهة الجمع بين الهمزتين، وأنكرها أبو عمرو ابن العلاء، وقال أبو حاتم: "لا يجوز الاستفهام بعد ﴿بَلِ﴾ لأنّ ﴿بَلِ﴾ إيجاد، والاستفهام في هذا الموضع إنكار بمعنى: لم يكن، كقوله - تعالى - ﴿أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ﴾ (١)، أي:

لم يشهدوا، فلا يصح وقوعهما معا للتّنافي في الذي بين الإيجاب والإنكار" انتهى، وأجيب: بأنّ ﴿بَلِ﴾ لأضراب الانتقال فقد أضرب عن الكلام، وأخذ في استفهام ثان، وعليه قول القائل: "أخبزا أكلت، بل أماء شربت" على ترك الكلام الأوّل والأخذ في الثّاني (٢)، والجمهور بهمزة واحدة.

وقرأ ﴿أَإِذا كُنّا﴾ … ﴿أَإِنّا﴾ (٣) بالإخبار في الأوّل والاستفهام في الثّاني نافع، وكذا أبو جعفر، وسهل الثّانية مع المدّ قالون، وسهلها مع القصر ورش، وكذا أبو جعفر، وقرأ ابن عامر والكسائي بالاستفهام في الأوّل والإخبار في الثّاني وزيادة نون فيه، وكلّ على أصله في الاستفهام فابن عامر بالتحقيق مع القصر لكن أكثر الطّرق عن هشام على المدّ، والكسائي بالتحقيق والقصر، وقرأ الباقون بالاستفهام في الأوّل والثّاني؛ فابن


(١) الزخرف: ١٩.
(٢) الدر المصون ٨/ ٦٣٦.
(٣) النمل: ٦٧، المبهج ٢/ ٧٤٢، الدر المصون ٨/ ٦٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>