للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالقراءات حجّة الفقهاء في الاستنباط ومحجّتهم في الاهتداء إلى سواء الصّراط، مع ما في ذلك من التّسهيل على الأمّة وإظهار شرفها وإعظام أجرها من حيث أنّهم يفرّغون جهدهم في تحقيق ذلك وضبطه حتى مقادير المدّات إلى غير ذلك ممّا سيأتي إن شاء الله تعالى.

وحفظ القرآن فرض كفاية على الأمّة كما صرّح به الجرجاني في (شافيه) (١)، والمعنى فيه أن لا ينقطع عدد التّواتر فلا يتطرق إليه التّبديل والتّحريف، فإن قام بذلك قوم يبلغون عدد التّواتر سقط عن الباقين وإلاّ أثم الكلّ.

وكذلك تعليمه أيضا: فرض كفاية.

وتعليم القراءات أيضا: فرض كفاية فإن لم يكن [يصلح] (٢) له إلاّ واحد تعيّن، وإن كان جماعة يحصل المقصود ببعضهم، فإن امتنعوا كلّهم أثموا، وإن قام به بعضهم سقط الحرج عن الباقين، وإن طلب من أحدهم وامتنع فأظهر الوجهين أنّه لا يأثم لكنّه يكره له ذلك إن لم يكن عذر.

والمقرئ: هو العالم بها رواها مشافهة، فلو حفظ الشّاطبيّة مثلا فليس له أن يقرأ بما فيها إن لم يشافهه من شوفه به مسلسلا لأنّ في القراءات شيئا لا يحكم إلاّ بالسّماع والمشافهة.

والقارئ المبتدئ: من شرع في الإفراد إلى أن يفرد ثلاثا من القراءات.

والمنتهي: من عرف من القراءات أكثرها وأشهرها.


(١) أحمد بن محمد بن أحمد، أبو العباس الجرجاني، قاضي البصرة، سمع ابن بشران، والماوردي، ألف التحرير في فروع الشافعية، والشافي قال عنه ابن قاضي شهبة: "قليل الوجود"، كان فقيها عارفا بالأدب، مات سنة ٤٨٢ هـ، انظر: الأعلام ١/ ٢١٤، السبكي ٤/ ٧٤، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١/ ٢٧١، وكتابه الشافي في الفقه مخطوط في مكتبة آيا صوفيا رقم ١٢٠٠/ ١، انظر البرهان في علوم القرآن ٢/ ٨٨، والإتقان ٢/ ٦٣٢.
(٢) في الأصل [من يصلح].

<<  <  ج: ص:  >  >>