للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

/ ٤٣٧ أ/المدنية والشام، وقرأ الباقون بإثباتها فصلا بين الاسم والخبر كما هو الأكثر/في الفصل فيهما بالضمير المرفوع المنفصل، ويسميه البصريون: فصلا، أي: يفصل الخبر عن الصّفة، والكوفيون: عمادا، أي: يعتمد في تعينه، وأعربه بعضهم ﴿هُوَ﴾ مبتدأ، وخبره ﴿الْغَنِيُّ﴾، والجملة خبر «إنّ»، لكن قال أبو علي الفارسي: "من أثبت ﴿هُوَ﴾ يحسن أن يكون فصلا، ولا يحسن أن يكون ابتدأ، لأنّ حذف الابتداء غير سائغ" (١)، قال في (الدر): يعني أنّه ترجّح فصليته بحذفه في القراءة الأخرى، إذ لو كان مبتدأ لضعف حذفه في القراءة، لا سيما إذا صلح ما بعده أن يكون خبرا لما قبله، ألا ترى لو قلت: "إنّ زيدا هو القائم" لم يحسن حذف ﴿هُوَ﴾ لصلاحية «القائم» خبرا ل «إنّ» فلا يبقى دليل على حذف ﴿هُوَ﴾ الرابط، ونظيره ﴿الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ﴾ (٢) لا يجوز حذف «هم» لأنّ ما بعده يصلح أن يكون صلة فلا يبقى دليل على المحذوف، قال أبو حيّان: "وما ذهب إليه أبو علي ليس بشيء لأنّه بنى ذلك على توافق القراءتين وتركيب إحداهما على الأخرى، وليس كذلك ألا ترى أنّه تكون قراءتان في لفظ واحد ولكل منهما توجيه يخالف الآخر، كقراءة من قرأ «﴿وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ﴾» (٣) بضمّ التّاء، والقراءة الأخرى ﴿بِما وَضَعَتْ﴾ بتاء التّأنيث وضم التّاء تقتضي أنّ الجملة من كلام أم مريم، وتاء التّأنيث تقتضي أنّها من كلام الله - تعالى -، وهذا كثير في القراءات المتواترة، فكذلك هذا يجوز أن يكون مبتدأ في قراءة من أثبته، وإن كان لم يرد في القراءة الأخرى، ولكل من التركيبين في الإعراب حكم يخصه"، انتهى، وتعقبه السمين ب "أنّ توافق القراءتين في معنى واحد أولى"، قال: "وهذا ما لا نزاع فيه" انتهى، وأمّا قوله صاحب (النجوم) كغيره: "وفي ﴿هُوَ﴾ معنى الاختصاص" (٤) فمتعقب بقول الجعبري: "ووهم من جعله للاختصاص إذ هو مستفاد من لام الخبر


(١) الحجة ٦/ ٢٧٦.
(٢) الماعون: ٦.
(٣) آل عمران: ٣.
(٤) النجوم الزاهرة ٢/ ١١٨٧، وانظر إعراب النحاس ٤/ ٣٦٦، فتح الوصيد ٤/ ١٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>