للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتّرتيل: مصدر: رتّل فلان كلامه إذا أتبع بعضه بعضا على مكث وتفهّم، من غير عجلة، قال المبرد في قوله تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً﴾: (١) أصله من قولهم:" ثغر رتل ورتل "، بكسر العين وفتحها، إذا كان حسن التّنضيد، ورتّلت الكلام ترتيلا: إذا تمهلت فيه، ويقال: ثغر رتل، إذا كان بين الثنايا افتراق قليل، فقوله تعالى: ﴿تَرْتِيلاً﴾ تأكيد في إيجاب الأمر به، وأنّه ممّا لا بد منه للقارئ.

وقيل: التّرتيل مستحب، ومشروعيته ليست لمجرد التّدبر، فإنّ العجمي الذي لا يفهم معنى القرآن يشرع له أيضا، لأنّه أقرب إلى الاحترام، وأشدّ تأثيرا في القلب (٢).

وهل الأفضل التّرتيل وقلّة القراءة أو السّرعة وكثرتها؟، والصّحيح، بل الصّواب:

أن التّرتيل والتّدبر مع قلّة القراءة أفضل من السّرعة مع كثرتها، وعن بعضهم وأجاد:

ثواب قراءة التّرتيل والتّدبر أجلّ وأرفع قدرا، وثواب كثرة القراءة أكثر عددا، ومثّل ذلك بأنّ الأوّل كمن تصدّق بجوهرة عظيمة، أو أعتق عبدا قيمته نفيسة جدّا، والثّاني كمن تصدّق بعدد كثير من الدّراهم، أو أعتق عددا من العبيد قيمتهم رخيصة.

فالتّحقيق: مذهب ورش من غير طريق الأصبهاني عنه، وحمزة وقتيبة عن الكسائي، والأعشى عن أبي بكر، وبعض طرق الأشناني عن حفص، وبعض المصريين عن الحلواني عن هشام، وأكثر طرق العراقيين عن الأخفش عن ابن ذكوان، وهو الذي يستحب الأخذ به على المتعلمين، مع مراعاة التّحفظ من التّجاوز فيه.

والحدر: مذهب من قصر المنفصل كابن كثير، وأبي جعفر، وسائر من قصر المنفصل كأبي عمرو، وقالون، والأصبهاني عن ورش، ويعقوب في الأشهر عنهم، وكالولي عن حفص.

والتّدوير: ورد عن أكثر الأئمة، ممّن روى مدّ المنفصل، ولم يبلغ فيه إلى الإشباع،


(١) المزمل: ٤.
(٢) النشر ١/ ٢٠٨، التحديد: ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>