للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه بعد في المعنى، لأنّهم لم يخبروا أنّهم آمنوا بأنّهم لمّا سمعوا الهدى آمنوا به، ولم يخبروا أنّهم آمنوا أنّه كان رجال، إنّما حكى الله عنهم أنّهم قالوا ذلك مخبرين به عن أنفسهم، فالكسر أولى بذلك قال السمين: "وهذا الذي قاله غير لازم فإنّ المعنى على ذلك صحيح"، وقد سبق الزّمخشري لذلك الفرّاء والزجاج (١) "انتهى، وكذا قرأ أبو جعفر بالفتح في ثلاثة منها وهي ﴿وَأَنَّهُ تَعالى﴾ ﴿وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ﴾ ﴿وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ﴾ جمعا بين اللغتين مع اتباع الأثر، وافقهم على الفتح في الاثني عشر الحسن والأعمش، وقرأ الباقون بالكسر فيها كلّها عطفا على قوله ﴿إِنّا سَمِعْنا﴾ فيكون الجميع معمولا للقول، أي: فقالوا إنّا سمعنا وقالوا: أنّه تعالى إلى آخره، وقال بعضهم: الجملتان من قوله تعالى ﴿وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ﴾ ﴿وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا﴾ معترضتان بين قول الجن، وهما من كلام الباري - تعالى، والظاهر أنّهما من كلام قاله بعضهم لبعض.

واختلف أيضا في همزة ﴿وَأَنَّهُ لَمّا قامَ عَبْدُ اللهِ﴾ (٢) فنافع وأبو بكر بكسرها، والباقون بفتحها، وتوجيههما معلوم من السّابق.

ولا خلاف في فتح ﴿أَنَّهُ اِسْتَمَعَ﴾ ﴿وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ﴾ (٣).

وقد انتج ما ذكرته أنّ (أن) المشددة في هذه السّورة على قسمين (٤):

قسم ليس معه «واو» العطف:

فهذا لا خلاف بين القرّاء في فتحه أو كسرة على حسب ما جاءت به التلاوة واقتضته العربية كقوله - تعالى -: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اِسْتَمَعَ﴾ لا خلاف في فتحه كما سبق لوقوعه موقع المصدر، وقال جار الله:" لأنّه فاعل ﴿أُوحِيَ﴾ "انتهى، وكقوله جلّ وعلا ﴿إِنّا سَمِعْنا قُرْآناً﴾ فلا خلاف في كسره لأنّه محكي بالقول.


(١) معاني القرآن للفراء ٣/ ١٩١، وللزجاج ٥/ ٢٣٤.
(٢) الجن: ١٩، النشر ٢/ ٣٩٢، المبهج ٣/ ٣٩٠.
(٣) الجن: ١، ١٨، النشر ٢/ ٣٩٢.
(٤) النص من الدر المصون ١٤/ ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>