للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ففضائل القرآن وحملته لا تعدّ ولا تحصر بالحدّ.

وإذا تقرّر هذا فاعلم أنّ القرآن هو: "كلام الله القائم بذاته، غير مخلوق ولا حالّ في المصاحف، ولا في القلوب والألسنة والآذان، بل معنى قديم قائم بذات الله - تعالى -، مكتوب في مصاحفنا بنقوش وصور وأشكال موضوعة للحروف الدّالة عليه" (١).

قال - تعالى -: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ﴾ (٢)، مقروء بألسنتنا بحروفه المنظومة المسموعة، قال : "لا يقرأ القرآن حائض ولا جنب" (٣).

مسموع بآذاننا قال - تعالى -: ﴿حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ﴾ (٤)، محفوظا في صدورنا بألفاظه المخيّلة (٥)، قال - تعالى -: ﴿بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ (٦)، وهذا كما يقال: "النّار جوهر محرق، يذكر باللفظ، ويكتب بالقلم، ولا يلزم منه كون حقيقة النار صوتا وحرفا" (٧).


(١) هذا من كلام الأشاعرة الذين يقولون أن كلام الله مجرد المعنى دون الحروف، أمّا عند السّلف فإنّ المقروء كلام الله لفظه ومعناه، وحيثما وجد فهو كلام الله، وهو المعجزة التي تحدى العرب أن يأتوا بمثله، أما أصوات القراءة فلا علاقة لها بالقرآن بل هي فعل الناس وأصواتهم، قال في أعلام السنة المنشورة: ١٠٦: "القرآن كلام الله ﷿ حقيقة حروفه ومعانيه، ليس كلامه الحروف دون المعاني، ولا المعاني دون الحروف، تكلم الله به قولا وأنزله على نبيه وحيا، وآمن به المؤمنون حقا، فهو وإن خط بالبنان وتلي باللسان وحفظ بالجنان وسمع بالآذان وأبصرته العينان لا يخرجه ذلك عن كونه كلام الرحمن، فالأنامل والمداد والأقلام والأوراق مخلوقة، والمكتوب بها غير مخلوق، والألسن والأصوات مخلوقة، والمتلو بها غير مخلوق، والصدور مخلوقة والمحفوظ فيها غير مخلوق، والأسماع مخلوقة والمسموع غير مخلوق، الفتاوى ١٢/ ٤١٦.
(٢) الواقعة: ٧٧، ٧٨.
(٣) أخرجه الترمذي ١/ ٢٣٦، وابن ماجه (٥٩٥)، وابن عدي في الكامل ٢/ ١٠، والبيهقي في السنن الصغير ١/ ٨٩، عن ابن عمر، ورواه عن جابر ابن عدي في الكامل ١/ ٢٩٥، والدارقطني ١/ ٢٩٩، وقال الألباني في إرواء الغليل ١/ ٢٠٦ ضعيف، البدر لابن الملقن ٢/ ٥٠١.
(٤) التوبة: ٦.
(٥) القوة التي تخيل الأشياء وتصورها، وهي مرآة العقل، الوسيط ١/ ٢٧٦ مادة: خيل.
(٦) العنكبوت: ٤٩.
(٧) انظر: أنوار البروق في أنواع الفروق: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>