وَابْنَيْهِمَا، وَلَمْ يَكُن ذَلِكَ لِأَنَّهُم أَفْضَلُ الْأُمَّةِ، بَل لِأَنَّهُم أَخَصُّ أَهْلِ بَيْتِهِ.
وَقَوْلُهُ: "أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْك": لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مِن ذَاتِهِ، وَلَا ريبَ أَنَّهُ أَعْظَمُ النَّاسِ قَدْرًا مِن الْأَقَارِبِ، فَلَهُ مِن مَزِيَّةِ الْقَرَابَةِ وَالْإِيمَانِ مَا لَا يُوجَدُ لِبَقِيَّةِ الْقَرَابَةِ". [٤/ ٤١٤ - ٤١٩]
١٢١٩ - أَمَّا تَفْضِيلُ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ عَلَى عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ: فَهَذَا مُتَّفَق عَلَيْهِ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْمَشْهُورِينَ بِالْإِمَامَةِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ، مِن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ.
وَلهَذَا لَمْ يَتَنَازَعْ فِي هَذَا أَحَدٌ مِن أَهْلِ الْعِلْم بِسِيرَتِهِ وَسُنَّتِهِ وَأَخْلَاقِهِ، وَإِنَّمَا يَنْفِي هَذَا أَو يَقِفُ فِيهِ مَن لَا يَكُون عَالِمًا بِحَقِيقَةِ أمُورِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-.
وَهَذَا كَسَائِرِ الْأُمُورِ الْمَعْلُومَةِ بِالِاضْطِرَارِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-،
وإِن كَانَ غَيْرُهُم يَشُكُّ فِيهَا أَو يَنْفِيهَا: كَالْأَحَادِيثِ الْمُتَوَاتِرَةِ عِنْدَهُم فِي شَفَاعَتِهِ، وَحَوْضِهِ، وَخُرُوجِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِن النَّارِ، وَالْأَحَادِيثِ الْمُتَوَاتِرَةِ عِنْدَهُم فِي الصِّفَاتِ، وَالْقَدَرِ، وَالْعُلُوِّ، وَالرُّؤَيةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِن الْأصُولِ الَّتِي اتَّفَقَ عَلَيْهَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِسُنَّتِهِ كَمَا تَوَاتَرَتْ عِنْدَهُم عَنْهُ، وَإِن كَانَ غَيْرُهُم لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ.
كَمَا تَوَاتَرَ عِنْدَ الْخَاصَّةِ -مِن أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْه- الْحُكْمُ بِالشُّفْعَةِ، وَتَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَرَجْمُ الزَّانِي الْمُحْصَنِ، وَاعْتِبَارُ النِّصَابِ فِي السَّرِقَةِ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِن الْأَحْكَامِ الَّتِي يُنَازِعُهُم فِيهَا بَعْضُ أَهْلِ الْبِدَعِ.
وَلهَذَا كَانَ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ مُتَّفِقِينَ عَلَى تَبْدِيعِ مَن خَالَفَ فِي مِثْل هَذِهِ الْأُصُولِ، بِخِلَافِ مَن نَازَعَ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ هَذَا الْمَبْلَغَ فِي تَوَاترِ السُّنَنِ عَنْهُ؛ كَالتَّنَازُع بَيْنَهُم فِي الْحُكْمِ بِشَاهِدٍ وَيمِينٍ، وَفِي الْقُسَامَةِ، وَالْقرْعَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِن الْأمُورِ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ هَذَا الْمَبْلَغَ.
وَأَمَّا "عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ": فَهَذِهِ دُونَ تِلْكَ؛ فَإِنَّ هَذِهِ كَانَ قَد حَصَلَ فِيهَا نِزَاعٌ. [٤/ ٤٢١ - ٤٢٥]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute