للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٤٥ - إِنَّمَا يَتَفَاضَلُ الْعُلَمَاءُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَن بَعْدَهُم بِكَثْرَةِ الْعِلْمِ أَو جَوْدَتِهِ. [٢٠/ ٢٣٣]

١٢٤٦ - تَرْجِيحُ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ وَالْمَشَايِخِ عَلَى بَعْضٍ؛ مِثْل مَن يُرَجِّحُ إمَامَهُ الَّذِي تَفَقَّهَ عَلَى مَذْهَبِهِ، أَو يُرَجحُ شَيْخَهُ الَّذِي اقْتَدَى بِهِ عَلَى غَيْرِهِ .. : فَهَذَا الْبَابُ أَكْثَرُ النَّاسِ يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ بِالظَّنِّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ (١)؛ فَإِنَّهُم لَا يَعْلَمُونَ حَقِيقَةَ مَرَاتِبِ الأئِمَّةِ وَالْمَشَايِخِ، وَلَا يَقْصِدُونَ اتِّبَاعَ الْحَقّ الْمُطْلَقِ، بَل كُلُّ إنْسَانٍ تَهْوَى نَفْسُهُ أَنْ يُرَجِّحَ مَتْبُوعَهُ فَيُرَجِّحَهُ بِظَنٍّ يَظُنُّهُ، وَإِن لَمْ يَكُن مَعَهُ بُرْهَانٌ عَلَى ذَلِكَ، وَقَد يُفْضِي ذَلِكَ إلَى تَحَاجِّهِمْ وَقِتَالِهِمْ وَتَفَرُّقِهِمْ، وَهَذَا مِمَّا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ.

وَأَمَّا مَن تَرَجَّحَ عِنْدَهُ فَضْلُ إمَامٍ عَلَى إمَامٍ، أَو شَيْخٍ عَلَى شَيْخِ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ كَمَا تَنَازَع الْمُسْلِمُونَ: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ التَّرْجِيعُ فِي الْأذَانِ أَو تَرْكُهُ؟ أَوَ إفْرَادُ الْإِقَامَةِ أَو تَثْنِيَتُهَا؟ .. وَنَحْوُ ذَلِكَ: فَهَذِهِ مَسَائِلُ الِاجْتِهَادِ الَّتِي تَنَازَعَ فِيهَا السَّلَفُ وَالْأئِمَّةُ، فَكُل مِنْهُم أَقَرَّ الْآخَرَ عَلَى اجْتِهَادِهِ، مَن كَانَ فِيهَا أَصَابَ الْحَقَّ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَمَن كَانَ قَدِ اجْتَهَدَ فَأخْطَأَ فَلَة أَجْرٌ، وَخَطَؤُهُ مَغْفُورٌ لَهُ، فَمَن تَرَجَّحَ عِنْدَهُ تَقْلِيدُ الشَافِعِيِّ لَمْ يُنْكِرْ عَلَى مَن تَرَجَّحَ عِنْدَهُ تَقْلِيدُ مَالِكٍ، وَمَن تَرَجَّحَ عِنْدَهُ تَقْلِيدُ أَحْمَد لَمْ يُنْكِرْ عَلَى مَن تَرَجَّحَ عِنْدَهُ تَقْلِيدُ الشَّافِعِيِّ وَنَحْوُ ذَلِكَ.

وَلَا أحَدَ فِي الْإِسْلَامِ يُجِيبُ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهُم بِجَوَابٍ عَامّ: أَنَّ فُلَانًا أَفْضَلُ مِن فُلَانٍ فَيُقْبَلُ مِنْهُ هَذَا الْجَوَابَ، لأنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ تُرَجِّحُ مَتْبُوعَهَا فَلَا تَقْبَلُ جَوَابَ مَن يُجِيبُ بِمَا يُخَالِفُهَا فِيهِ.

وَمَا مِن إمَامٍ إلَّا لَهُ مَسَائِلُ يَتَرَجَّحُ فِيهَا قَوْلُهُ عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ، وَلَا يَعْرِفُ هَذَا التَّفَاضُلَ إلَّا مَن خَاضَ فِي تَفَاصِيلِ الْعِلْمِ. [٢٠/ ٢٩١ - ٢٩٣]


(١) ويُؤدّي إلى مفاسد كبيرة، منها التعلق به، والتعصب لآرائه، وعدم قبول الحق والدليل إذا خالفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>