مُغَايِرَةٌ إمَّا فِي الذَّاتِ وَإِمَّا فِي الصِّفَاتِ، وَهُوَ فِي الذَّاتِ كَثِيرٌ كَقَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [الحج: ١٧]، وَأَمَّا فِي الصّفَاتِ فَمِثْل هَذِهِ الْآيَةِ؛ فَإِنَّ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى هُوَ الَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى، لَكِنَّ هَذَا الِاسْمَ وَالصِّفَةَ لَيْسَ هُوَ ذَاكَ الِاسْمُ وَالصِّفَةُ.
وَكَثِيرًا مَا تَأْتِي الصِّفَاتُ بِلَا عَطْفٍ؛ كَقَوْلِهِ: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ} [الحشر: ٢٣]، وَقَوْلُهُ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلَهِ النَّاسِ (٣)} [الناس: ١ - ٣]، وَقَد تَجِيءُ خَبَرًا بَعْدَ خَبرٍ؛ كَقَوْلِهِ: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٦)} [البروج: ١٤ - ١٦]، وَلَوْ كَانَ "فَعَّالٌ" صِفَة لَكَانَ مُعَرَّفًا، بَلْ هُوَ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ، وَقَوْلُهُ: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} [الحديد: ٣] خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ، لَكِنْ بِالْعَطْفِ بِكُلِّ مِنْ الصِّفَاتِ.
وأَخْبَارُ الْمُبْتَدَأِ قَد تَجِيءُ بِعَطْفٍ وَبِغَيْرِ عَطْفٍ، وَإذَا ذُكِرَ بِالْعَطْفِ كَانَ كُلُّ اسْمٍ مُسْتَقِلًّا بِالذِّكْرِ، وَبِلَا عِطْفٍ يَكُونُ الثَّانِي مِن تَمَامِ الْأَوَّلِ بِمَعْنَى، وَمَعَ الْعَطْفِ لَا تَكُونُ الصِّفَاتُ إلَّا لِلْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ أَو لِلْمَدْحِ، وَأَمَّا بِلَا عَطْفٍ فَهُوَ فِي النَكِرَاتِ لِلتَّمْيِيزِ، وَفِي الْمَعَارِفِ قَد يَكُونُ لِلتَّوْضِيحِ. [١٦/ ١٢٧ - ١٢٨]
١٢٨٤ - قَوْلُه تعالى: {إِلَّا أَمَانِيَّ} [البقرة: ٧٨]؛ أَيْ: تِلَاوَةً، فَهُم لَا يَعْلَمونَ فِقْهَ الْكِتَابِ، إنَّمَا يَقْتَصِرُونَ عَلَى مَا يَسْمَعُونَهُ يُتْلَى عَلَيْهِمْ، قَالَهُ الْكِسَائِيُّ وَالزَّجَّاجُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَد قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: {إِلَّا أَمَانِيَّ} إلَّا مَا يَقولُونَهُ بِأَفْوَاهِهِمْ كَذِبًا وَبَاطِلًا، وَرُوِيَ هَذَا عَن بَعْضِ السَّلَفِ وَاخْتَارَهُ الْفَرَّاءُ.
وَقَالَ بَعْضُهُم: الْأمَانِيُّ يَتَمَنَّوْنَ عَلَى اللّهِ الْبَاطِلَ وَالْكَذِبَ كَقَوْلِهِمْ: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} [البقرة: ٨٠]، وَقَوْلِهِمْ: {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} [البقرة: ١١١].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute