ثُمَّ أُكِّدَتِ الْجُمْلَةُ الْجَزَائِيَّةُ بـ"أَنَّ" إذ هِيَ الْمَقْصُودَةُ عَلَى حَدِّ تَأكِيدِهَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (١٧٠)} [الأعراف: ١٧٠].
وَنَظِيره: {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٤)} [الأنعام: ٥٤]، فَهُمَا تَأكِيدَانِ مَقْصُودَانِ لِمَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، أَلَا تَرَى تَأْكِيدَ قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٤)} [الأنعام: ٥٤] بـ "إنَّ" غَيْرَ تَأكِيد {مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٤)} لَهُ بـ "أنَّ".
وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ بِهِ، وَهُوَ كَثِير فِي الْقُرْآنِ وَكَلَامِ الْعَرَبِ.
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا} [آل عمران: ١٤٧] فَهَذَا لَيْسَ مِن التَّكْرَارِ فِي شَيءٍ.
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ} [الروم: ٤٩] (١) فَلَيْسَ مِن التَّكْرَارِ، بَل تَحْتَهُ مَعْنًى دَقِيق، وَالْمَعْنَى فِيهِ: وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِم الْوَدْقُ مِن قَبْلِ هَذَا النُّزُولِ لَمُبْلِسِينَ، فَهُنَا قَبْلِيتَانِ: قَبْلِيَّةٌ لِنُزُولهِ مُطْلَقا، وقَبْلِيَّةٌ لِذَلِكَ النُّزُولِ الْمُعَيَّنِ أَنْ لَا يَكُونُ مُتَقَدِّمًا عَلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَيَئِسُوا قَبْلَ نُزُوله يَاسَيْنَ: يَأسًا لِعَدَمِهِ مَرْئِيًّا، ويأسًا لِتَأخُّرِهِ عَن وَقْتِهِ؛ فَقَبْلَ الْأُولَى ظَرْفُ الْيَأسِ، وَقَبْلَ الثَّانِيَةِ ظَرْفُ الْمَجِيءِ وَالْإِنْزَالِ. [١٥/ ٢٧٦ - ٢٧٩]
١٣٠٣ - الْجَيْبُ هُوَ الطَّوْقُ الَّذِي فِي الْعُنُقِ، لَيْسَ هُوَ مَا يُسَمِّيهِ بَعْضُ الْعَامَّةِ جَيْبًا، وَهُوَ مَا يَكُونُ فِي مُقَدَّمِ الثَّوْبِ لِوَضْعِ الدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهَا. [١٧/ ٢٦٢]
١٣٠٤ - الْأَلْفَاظُ الْعِبُرِيَّةُ تُقَارِبُ الْعَرَبِيَّةَ بَعْضَ الْمُقَارَبَةِ، كَمَا تتقَارَبُ الْأَسْمَاءُ فِي الِاشْتِقَاقِ الْأَكْبَرِ.
وَقَد سَمِعْت أَلْفَاظَ التَّوْرَاةِ بِالْعِبْرِيَّةِ مِن مُسْلِمَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَوَجَدْت
(١) وقد قال عنها الشيخ: هِيَ مِن أشْكَلِ مَا أورِدَ، وَمِما أعْضَلَ عَلَى النَّاسِ فَهْمُهَا، فَقَالَ كَثيرٌ مِن أهْلِ الْإعْرَابِ وَالتَّفْسِيرِ: إنَّهُ عَلَى التَّكْرِيرِ الْمَحْضِ وَالتأكِيدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute