مُتَوَاطِئَة كَأَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ؛ مِثْل لَفْظِ الرَّسُولِ وَالْوَالِي وَالْقَاضِي وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْإِمَامِ وَالْبَيْتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ: قَد يُرَادُ بِهَا الْمَعْنَى الْعَامُّ، وَقَد يُرَادُ بِهَا مَا هُوَ أَخَصُّ مِنْهُ مِمَّا يَقْتَرِنُ بِهَا تَعْرِيفُ الْإِضَافَةِ أَو اللَّام؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (١٥) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ}.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: ٦٣]؛ فَلَفْظُ الرَّسُولِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَفْظٌ وَاحِذ مَقْرُونٌ بِاللَّامِ، لَكِنْ يَنْصَرِفُ فِي كُلِّ مَوْضِعِ إلَى الْمَعْرُوفِ عِنْدَ الْمُخَاطَبِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، فَلَمَّا قَالَ هُنَا: {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (١٥) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل: ١٥، ١٦] كَانَ اللَّامُ لِتَعْرِيفِ رَسُولِ فِرْعَوْنَ، وَهُوَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَلَمَّا قَالَ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: ٦٣]، كَانَ اللَّامُ لِتَعْرِيفِ الرَّسُولِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ بِالْقُرْآنِ الْمَأمُورِينَ بِأَمْرِهِ الْمُنْتَهِينَ بِنَهْيِهِ، وَهُم أُمَّةُ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-.
وَمَعْلُومٌ أَنَ مِثْل هَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مَجَازٌ فِي أَحَدِهِمَا بِاتِّفَاقِ النَّاسِ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مُشْتَرَكٌ اشْتِرَاكًا لَفْظِيًّا مَحْضًا؛ كَلَفْظِ الْمُشْتَرِي لِلْمُبْتَاعِ وَالْكَوْكَبِ، وَسُهَيْلٍ لِلْكَوْكَبِ وَالرَّجُلِ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مُتَوَاطِئٌ دَلَّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ فَقَطْ، فَإِنَّهُ قَد عُلِمَ أَنَّهُ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ هُوَ مُحَمَّدٌ، وَفِي الْآخَرِ مُوسَى، مَعَ أَنَّ لَفْظَ الرَّسُولِ وَاحِدٌ.
إذَا تَبَيَّنَ هَذَا فَيُقَالُ لَهُ (١): هَذِهِ الْأَسْمَاءُ الَّتِي ذَكَرْتهَا مِثْل لَفْظِ الظَّهْرِ وَالْمَتْنِ وَالسَّاقِ وَالْكَبِدِ لَا يَجُوزُ أَنْ تُسْتَعْمَلَ فِي اللُّغَةِ إلَّا مَقْرُونَةً بِمَا يُبَيِّنُ الْمُضَافَ إلَيْهِ، وَبِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ الْمُرَادُ.
(١) أي: للآمدي، الذي ردّ عليه في تقريره للحقيقة والمجاز.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute