للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِيَكُونَ ذَلِكَ مُوَافِقًا لِعَدَدِ الْحُرُوفِ الَّتِي أُنْزِلَ عَلَيْهَا الْقُرْآنُ لَا لِاعْتِقَادِهِ أو اعْتِقَادِ غَيْرِهِ مِن الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعَةَ هِيَ الْحُرُوفُ السَّبْعَة، أَو أَنَ هَؤُلَاءِ السَّبْعَةَ الْمُعَيَّنِينَ هُم الَّذِينَ لَا يَجُوزُ أَنْ يقرَأَ بِغَيْرِ قِرَاءَتِهِمْ.

وَلهَذَا قَالَ مَن قَالَ مِن أئِمَّةِ الْقُرَّاءِ: لَوْلَا أَنَّ ابْنَ مُجَاهِدٍ سَبَقَنِي إلَى حَمْزَةَ لَجَعَلْت مَكانَهُ يَعْقُوبَ الْحَضْرَمي إمَامَ جَامِعِ الْبَصْرَةِ وإمَامَ قُرَّاءِ الْبَصْرَةِ فِي زَمَانِهِ فِي رَأسِ الْمِائَتَيْنِ.

وَلَا نِزَاعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أنَّ الْحُرُوفَ السَّبْعَةَ الَّتِي أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَيْهَا لَا تتَضَمَّنُ تَنَاقُضَ الْمَعْنَى وَتَضَادَّهُ، بَلْ:

أ - قَد يَكُونُ مَعْنَاهَا مُتَّفِقًا أو مُتَقَارِبًا، كَمَا قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُود: إنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ أَحَدِكُمْ أَقْبِلْ وَهَلُمَّ وَتَعَالَ.

ب - وَقَد يَكونُ مَعْنَى أحَدِهِمَا لَيْسَ هُوَ مَعْنَى الْآخَرِ؛ لَكِنْ كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ حَقُّ، وَهَذَا اخْتِلَافُ تَنَوُّعٍ وَتَغَايُرٍ، لَا اخْتِلَافُ تَضَاد وَتَنَاقُضٍ، وَهَذَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ عَن النَبِي - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذَا حَدِيثِ: "أنزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ إنْ قُلْت: غفُورًا رَحِيمًا أَو قُلْت: عَزِيزًا حَكِيمًا فَاللهُ كَذلِكَ مَا لَمْ تَخْتِمْ آيةَ رَحْمَةٍ بِآيةِ عَذَاب، أَو آيَةَ عَذَاب بِآيَةِ رَحْمَةٍ" (١).

وَهَذَا كَمَا فِي الْقِرَاءَاتِ الْمَشْهُورَةِ (رَبُّنا بَاعَدَ) (٢) و (رَبّنا بَاعِدْ).

{إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا} [البقرة: ٢٢٩]، و (إلَّا أَنْ يُخَافَا أَلَّا يُقِيمَا) (٣).

(وَإِن كَانَ مَكْرُهُم لِتَزُولَ) و (لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ) (٤).


(١) رواه أبو داود (٨٧١)، وصححه الألباني.
وهذا كان في بداية الأمر، لتعسر الضبط عند بعض الصحابة؛ لعدم كتابة المصحف كاملًا، فلما أكمل الله الدين، وأتم الشريعة، وكتب كتاب الوحي القرآن كلّه: نُسخ ذلك.
(٢) برفع الباء، وباعَدَ بالألف وفتح العين والدال، وهي قراءةُ يعقوب.
(٣) "يُخافا" بضم الياء للمفعول، فحذف الفاعل وناب عنه ضمير الزوجين، وهي قراءةُ حمزة وأبي جعفر ويعقوب.
(٤) بفتح اللام الأولى ورفع الأخيرة، وهي قراءةُ الكسائي.
تنبيه: في الأصل: لَيَزول، بالياء، والصواب المثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>