للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد: ٣]، وَقَوْلِهِ: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (٤)} [الأعلى: ٢ - ٤].

وَمَن قَالَ: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: ٣]، أَرَادَ بِهِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} [البقرة: ٤]، أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَهْل الْكِتَابِ: فَقَد غَلِطَ، فَإِنَّ مُشْرِكِي الْعَرَبِ لَمْ يُؤْمِنُوا بِمَا أُنْزِلَ إلَيْهِ وَمَا أُنْزِلَ مِن قَبْلِهِ فَلَمْ يَكُونُوا مُفْلِحِينَ، وَأَهْلُ الْكتَابِ إنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِالْغَيْب وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُم يُنْفِقُونَ لَمْ يَكُونُوا مُفْلِحِينَ؛ وَلهَذَا قَالَ تَعَالَى: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)} [البقرة: ٥]، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُم صِنْفٌ وَاحِدٌ. [٢٧/ ٢٧٥]

١٤٤٢ - ذَمَّ سُبْحَانَهُ مَن كَتَمَ الْعِلْمَ الَّذِي أَنْزَلَهُ وَمَا فِيهِ مِن الشَّهَادَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ} [البقرة: ١٤٠]؛ أَيْ: عِنْدَهُ شَهَادَةٌ مِن اللّهِ وَكَتَمَهَا، وَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِي بَيَّنَهُ اللّهُ، فَإِنَّهُ خَبَرٌ مِن اللهِ وَشَهَادَة مِنْهُ بِمَا فِيهِ (١). [١٤/ ١٨٦]

١٤٤٣ - قَالَ اللّهُ تَعَالَى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧]، قَوْلُهُ: {فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧] يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ: {عَاكِفُونَ} [البقرة: ١٨٧] لَا بِقَوْلِهِ: {تُبَاشِرُوهُنَّ}، فَإِنَّ الْمُبَاشَرَةَ فِي الْمَسْجِدِ لَا تَجُوز لِلْمُعْتَكِفِ وَلَا لِغَيْرِهِ، بَل الْمُعْتَكِفُ فِي الْمَسْجِدِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُبَاشِرَ إذَا خَرَجَ مِنْهُ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ. [٢٦/ ٢١٦]

١٤٤٤ - قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء: ١٧١] لَيْسَ فِيهِ أَنَّ بَعْضَ اللهِ


(١) قال القاسمي رحمه الله في محاسن التأويل في معنى الآية: وَمَن أَظْلَمُ مِمَن كَتَمَ شَهادَةً موجودة ومودعة عِنْدَهُ مِنَ اللهِ وهو كتمان العلم الذي هو الإخبار بما أنزل الله. اهـ.
فالآية فيها أعظم الوعيد للذين يكتمون العلم بحجة التواضع أو الحياء، ويعظم الوعيد إذا كان كتمان العلم نابعًا عن الكسل والخمول، فهؤلاءِ ظلمة، وعَمَلُهم هذا من أعظم الظلم، وأشد الإثم، وقبح اللّه الجهل كيف يُزين لصاحبه القبيح، ويُقبح له الحسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>