للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَهَذِهِ أَوَّلُ مَرَاتِبِ الشَّهَادَة.

ثُمَّ قَد يُخْبِر ويُعْلِمُهُ بِذَلَكَ فَتَكونُ الشَّهَادَةُ إعْلَامًا لِغَيْرِهِ وَإِخْبَارًا لَهُ، وَمَن أَخْبَرَ غَيْرَهُ بِشَيْءٍ فَقَد شَهِدَ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ أو لَمْ يَكُنْ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (١٩)} [الزخرف: ١٩]، وقَوْله تَعَالَى: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا} الْآيَةَ [يوسف: ٨١].

فَفِي كِلَا الْمَوْضِعَيْنِ إنَّمَا أَخْبَرُوا خَبَرًا مُجَرَّدًا.

وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ فَقَد أَخْبَرَ وَبَيَّنَ وَأَعْلَمَ أَنَّ مَا سِوَاهُ لَيْسَ بِإِلَهٍ فَلَا يُعْبَدُ، وَأَنَّهُ وَحْدَهُ الْإِلَهُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ، وَهَذَا يَتَضَمَّنُ الْأمْرَ بِعِبَادَتِهِ وَالنَّهْيَ عَن عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ.

وَالْعَابِدُونَ إنَّمَا مَقْصُودُهُم أَنْ يَعْبُدُوا مَن هُوَ إلَهٌ يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ، فَإِذَا قِيلَ لَهُم كُل مَا سِوَى اللهِ لَيْسَ بِإِلَهِ، إنَّمَا الْإِلَهُ فوَ اللهُ وَحْدَه: كَانَ هَذَا نَهْيًا لَهُم عَن عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ وَأَمْرًا بِعِبَادَتِهِ.

وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا بِالْإِلَهِ مَن عَبَدَهُ عَابِدٌ بِلَا اسْتِحْقَاقٍ. فَالْآلِهَةُ الَّتِي جَعَلَهَا عَابِدُوهَا آلِهَةً يَعْبُذونَهَا كَثِيرَةٌ؛ لَكنْ هِيَ لَا تَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ، فَلَيْسَتْ بِآلِهَةٍ كَمَن جَعَلَ غَيْرَهُ شَاهِدًا أَو حَاكِمًا أَو مُفْتِيًا او أمِيرًا وَهُوَ لَا يُحْسِنُ شَيْئًا مِن ذَلِكَ.

وَشَهَادَةُ الرَّبِّ وَبَيَانُهُ وَإِعْلَامُهُ يَكونُ بِقَوْلِهِ تَارَة وَبِفِعْلِهِ تَارَةً.

فَالْقَوْلُ: هُوَ مَا أَرْسَلَ بِهِ رُسُلَهُ وَأَنْزَلَ بِهِ كُتُبَهُ وَأَوْحَاهُ إلَى عِبَادِهِ.

وَأَمَّا شَهَادَتُهُ بِفِعْلِهِ: فَهُوَ مَا نَصَبَهُ مِن الْأدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ الَّتِي تُعْلَمُ دَلَالَتُهَا بِالْعَقْلِ، وَإِن لَمْ يَكُن هُنَاكَ خَبَرٌ عَن اللهِ. [١٤/ ١٦٨ - ١٧٤]

١٤٥٤ - قَالَ تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} [آل عمران: ١٤٦] الْآيَاتِ، وَالْأَكْثَرُونَ يَقْرَؤُونَ: {قَاتَلَ}، وَالرِّبِّيُّونَ الْكثِيرُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ: هُم الْجَمَاعَاتُ الْكَثيرَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>