للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٤٨٥ - قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى} [الأنعام: ٢]، الْأجَلُ الْأَوَّلُ هُوَ أَجَلُ كُلِّ عَبْدٍ؛ الَّذِي يَنْقَضِي بِهِ عُمُره، وَالْأجَلُ الْمُسَمَّى عِنْدَهُ هُوَ: أَجَلُ الْقِيَامَةِ الْعَامَّةِ.

وَلهَذَا قَالَ: {مُسَمًّى عِنْدَهُ} فَإِنَّ وَقْتَ السَّاعَةِ لَا يَعْلَمُهُ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَل. [١٤/ ٤٨٩]

١٤٨٦ - قَوْلُهُ تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠٩)} [الأنعام: ١٠٩]، وَالْآيَةُ بَعْدَهَا: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: ١١٠]: أَشْكلَتْ قِرَاءَةُ الْفَتْحِ (١) عَلَى كَثِيرٍ بِسَبَب أنَّهُم ظَنُّوا أَنَّ الْآيَةَ بَعْدَهَا جُمْلَة مُبْتَدَأَةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لَكنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي خَبَرِ أنَّ.

وَالْمَعْنَى: إذَا كُنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ أَنَّهَا إذَا جَاءَت لَا يُومِنُونَ وَأنَا أَفْعَلُ بِهِم هَذَا: لَمْ يَكُن قَسَمَهُم صِدْقًا؛ بَل قَد يَكُونُ كَذِبًا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْكَلَامِ الْمَعْرُوفِ أَنَّهَا "أَنَّ" الْمَصْدَرِّيَةَ، وَلَو كَانَ (وَنُقَلِّبُ) إلَخْ كَلَامًا مُبْتَدُا لَزِمَ أنَّ كُلَّ مَن جَاءَتْهُ آيَةٌ قُلِّبَ فُؤَاهُ، وَليْسَ كَذلِكَ، بَل قد يُؤمِنُ كثرٌ مِنْهُمْ (٢). [١٤/ ٤٩٥]


= بل إن الشيخ يرى تحريم قتل الكفار المعاهدين الأباعد، فيكف يُجيز قتل الكفار الأقارب؟ فقد قال رحمه الله في قَوْل النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "أمِرْت أنْ أقاتِلَ النَّاسَ حَتَى يَشْهَدُوا أنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ": مُرَادُهُ قِتَالُ الْمُحَارِبِينَ الَّذينَ أَذِنَ اللهُ فِي قِتَالِهِمْ، لَمْ يُرِدْ قِتَالَ الْمُعَاهَدِينَ الَّذِينَ أَمَرَ اللهُ بِوَفَاءِ عَهْدِهِمْ. مجموع الفتاوى (١٩/ ٢٠).
فمراد الشيخ من كلامه السابق: أنّ عموم قول الله تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} مخصوص، ومن صور الخصوص إذا كان الوالد مشركًا مُحاربًا باغيًا، فإنه لا يجب الإحسان إليه، بل يجوز للولد مُباشرةُ قتلِه.
(١) في قوله تعالى: {أَنَّهَا}.
(٢) قال في موضع آخر: أَيْ: وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إذَا جَاءَت لَا يُؤمِنُونَ بِهَا وَنُقَلِّبُ أفْئِدَتَهُم؛ أَيْ: يَتْرُكُونَ الْإِيمَانَ وَنَحْنُ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُم لِكَوْنِهِمْ لَمْ يُؤْمِنُوا أوَّلَ مَرَّةٍ؛ أيْ: مَا يُدْرِيكُمْ أنَّهُ لَا يَكُونُ هَذَا وَهَذَا حِينَئِذٍ. وَمَن فَهِمَ مَعْنَى الْآيَةِ عَرَفَ خَطَأَ مَن قَالَ: أنَّ بِمَعْنَى لَعَلَّ وَاسْتَشْكَلَ قِرَاءَةَ الْفَتْحِ؛ بَل يَعْلَمُ حِينئذٍ أنَّهَا أَحْسَنُ مِن قِرَاءَةِ الْكَسْرِ. (١٣/ ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>