للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

حياة القلوب، والأرواح التي هي الحياة في الحقيقة، ومن عدمها فهو ميت لا حي. [المستدرك ١/ ٢٠٠]

١٥٦٥ - قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩)} [الشورى: ٣٩] إلَى قَوْلِهِ: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: ٤٣] فَمَدَحَهُم عَلَى الِانْتِصَارِ تَارَةً وَعَلَى الصَّبْرِ أُخْرَى.

وَضِدُّ الِانْتِصَارِ الْعَجْزُ، وَضِدُّ الصَّبْرِ الْجَزَعُ؛ فَلَا خَيْرَ فِي الْعَجْزِ وَلَا فِي الْجَزَعِ، كَمَا نَجِدُهُ فِي حَالِ كَثِيرٍ مِن النَّاسِ حَتَّى بَعْضُ الْمُتَدَيِّنِينَ إذَا ظُلِمُوا أَو رأوا مُنْكَرًا فَلَا هُم يَنْتَصِرُونَ وَلَا يَصْبِرُونَ؛ بَل يَعْجِزُونَ ويجْزَعُونَ. [١٦/ ٣٧ - ٣٨]

١٥٦٦ - قَوْله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: ١٣]: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ} هَذَا تَفْسِيرُ الْوَصِيَّةِ، {أَنْ}: الْمُفَسِّرَةُ الَّتِي تَأتِي بَعْدَ فِعْلٍ مِن مَعْنَى الْقَوْلِ لَا مِن لَفْظِهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء: ١٣١] وَالْمَعْنَى: قُلْنَا لَهُم: اتَّقُوا اللهَ.

فـ {أَقِيمُوا الدِّينَ}: مُفَسِّرٌ لِلْمَشْرُوعِ لَنَا الْمُوصَى بِهِ الرُّسُلُ، وَالْمُوحَى إلَى مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-.

فَقَد يُقَالُ: الضَّمِيرُ فِي (أَقِيمُوا) عَائِدٌ إلَيْنَا، ويُقَالُ: هُوَ عَائِدٌ إلَى الْمُرْسَلِ، وَيُقَالُ: هُوَ عَائِدٌ إلَى الْجَمِيعِ، وَهَذَا أَحْسَنُ، وَنَظِيرُهُ: أَمَرْتُكَ بِمَا أَمَرْتُ بِهِ زيدًا أَنْ أَطِع اللهَ، وَوَصَّيْتُكُمْ بِمَا وَصَّيْتُ بَنِي فلَانٍ أَن افْعَلُوا.

وَالْمَعْنَى عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يَرْجِعُ إلَى هَذَا، فَإِنَّ الَّذِي شُرعَ لَنَا: هُوَ الَّذِي وَصَّى بِهِ الرُّسُلَ، وَهُوَ الْأَمْرُ بِإِقَامَةِ الدِّينِ وَالنَّهْيُ عَن التَّفَرُّقِ فِيهِ. [١/ ١٢ - ١٣]

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>