للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِذَا كَانَت الْعَرَبُ تَقُولُ: طَرِيقُك فِي هَذَا الْأَمْرِ عَلَى فُلَانٍ؛ أَيْ: إلَيْهِ يَصِيرُ أَمْرُك، فَهَذَا يُطَابِقُ تَفْسِيرَ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ مِن السَّلَفِ، كَمَا قَالَ مُجَاهِد: الْحَقُّ يَرْجِعُ إلَى اللهِ، وَعَلَيْهِ طَرِيقُهُ لَا يُعَرِّجُ عَلَى شَيءٍ.

فَطَرِيقُ الْحَق عَلَى اللهِ وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ الَّذِي قَالَ اللهُ فِيهِ: {هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (٤١)}.

وَالصَّحِيحُ: أَنَّ "السَّبِيلَ" اسْمُ جِنْسٍ، وَلَكِنَّ الَّذِي عَلَى اللهِ هُوَ الْقَصْدُ مِنْهَا، وَهِيَ سَبِيلٌ وَاحِدٌ، وَلَمَّا كَانَ جِنْسًا قَالَ: {وَمِنْهَا جَائِرٌ}.

وَأَمَّا آيَةُ اللَّيْلِ -قَوْلُهُ: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (١٢)} -. قَالَ الزَّجَّاجُ: إنَّ عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَ طَرِيقَ الْهُدَى مِن طَرِيقِ الضَّلَالِ.

وَهَذَا التَّفْسِيرُ ثَابِتٌ عَن قتادة.

فَقَد تبَيَّنَ أَنَّ جُمْهُورَ الْمُتَقَدّمِينَ فَسَّرُوا الْآيَاتِ الثَّلَاثَ بِأَنَّ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ لَا يَدُلُّ إلَّا عَلَى اللهِ.

وَمِنْهُم مَن فَسَّرَهَا بِأَنَّ عَلَيْهِ بَيَانَ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ.

وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَقَد يَقُولُ طَائِفَةٌ: لَيْسَ عَلَى اللهِ شَيٌ - لَا بَيَانُ هَذَا وَلَا هَذَا، فَإِنَّهُم مُتَنَازِعُونَ هَل أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ.

وَدَلَالَةُ الْآيَاتِ عَلَى هَذَا فِيهَا نَظَرٌ.

وَأَمَّا الْمَعْنَى الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ فَهُوَ مُرَاد مِنَ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ قَطْعًا، وَأَنَّهُ أَرْشَدَ بِهَا إلَى الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ، وَهِيَ الطَّرِيقُ الْقَصْدُ، وَهِيَ الْهُدَى. [١٥/ ١٩٨ - ٢١٣]

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>