للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لَكِنْ تَنَازَعَ النَّاسُ: هَل دَلَالَتهَا عَلَى الْحَصْرِ بِطَرِيقِ الْمَنْطُوقِ أَو الْمَفْهُومِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ بِطَرِيقِ الْمَنْطُوقِ.

قَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: "فَمَن كانَت هِجْرَتُهُ إلَى اللهِ وَرَسُولهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللهِ وَرَسُولهِ": لَيْسَ هوَ تَحْصِيلٌ لِلْحَاصِلِ، لَكِنَّهُ إخْبَارٌ بِأنَّ مَن نَوَى بِعَمَلِهِ شَيْئًا فَقَد حَصَلَ لَهُ مَا نَوَاهُ؛ أَيْ: مَن قَصَدَ بِهِجْرَتِهِ اللهَ وَرَسُولَهُ حَصَلَ لَهُ مَا قَصَدَهُ، وَمَن كَانَ قَصْدُهُ الْهِجْرَةَ إلَى دُنْيَا أَو امْرَأَةٍ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا ذَلِكَ، فَهَذَا تَفْصِيل لِقَوْلِهِ: "إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ". [١٨/ ٢٤٧ - ٢٧٩]

١٦٤٩ - قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكنْ جِهَادٌ وَنيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا" (١)، وَقَالَ: "لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتلَ الْعَدُوُّ" (٢)، وَكِلَاهُمَا حَقٌّ؛ فَالْأَوَّلُ أَرَادَ بِهِ الْهِجْرَةَ الْمَعْهُودَةَ فِي زَمَانِهِ، وَهِيَ الْهِجْرَة إلَى الْمَدِينَةِ مِن مَكَّةَ وَغَيْرِهَا مِن أَرْضِ الْعَرَبِ، فَإِنَّ هَذ الْهِجْرَةَ كَانَت مَشْرُوعَةً لَمَّا كَانَت مَكَّةُ وَغَيْرُهَا دَارَ كُفْرٍ وَحَرْبٍ، وَكَانَ الْإِيمَانُ بِالْمَدِينَةِ، فَكَانَت الْهِجْرَةُ مِن دَارِ الْكُفْرِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَاجِبَةً لِمَن قَدَرَ عَلَيْهَا فَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ وَصَارَتْ دَارَ الْإِسْلَامِ وَدَخَلَت الْعَرَبُ فِي الْإِسْلَامِ صَارَت هَذِهِ الْأرْضُ كُلهَا دَارَ الْإِسْلَامِ. [١٨/ ٢٨١]

١٦٥٠ - كَانَ مَعْمَرٌ يَغْلَطُ إذَا حَدَّثَ مِن حَفِظَهُ. [٣٢/ ٣١٨]

١٦٥١ - قَوْلُهُ: "وَنَعُوذُ بِاللهِ مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِن سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا" (٣) السَّيِّئات: هِيَ عُقُوبَاتُ الْأَعْمَالِ؛ كَقَوْلِهِ: {سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} [غافر: ٤٥] فَإِنَّ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ يُرَادُ بِهَا: النِّعَمُ وَالنِّقَمُ كَثِيرًا، كَمَا يُرَادُ بِهَا الطَّاعَاتُ وَالْمَعَاصِي، وَإِن حُمِلَتْ عَلَى السَّيئاتِ الَّتِي هِيَ الْمَعَاصِي فَيَكُونُ قَد اسْتَعَاذَ أنْ يَعْمَلَ السَّيِّئَاتِ أَو أَنْ تَضُرَّهُ، وَعَلَى الْأوَّلِ -وَهُوَ أَشْبَهُ- فَقَد اسْتَعَاذَ مِن عُقُوبَةِ أَعْمَالِهِ أَنْ تُصِيبَهُ، وَهَذَا أَشْبَهُ. [١٨/ ٢٨٩]


(١) البخاري (٢٧٨٣)، ومسلم (١٨٦٤).
(٢) صحَّحه الألباني في صحيح النسائي (٤١٨٣).
(٣) رواه النسائي (١٤٠٣)، وصحَّحه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>