للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إلَيهِ فِي أَوَلِ الْأَمْرِ (١).

وَقَد تَكُونُ الْغُرْبَة فِي بَعْضِ شَرَائِعِهِ، وَقَد يَكُونُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَمْكِنَةِ، فَفِي كَثِيرٍ مِن الْأمْكِنَةِ يَخْفَى عَلَيْهِم مِن شَرَائِعِهِ مَا يَصِيرُ بِهِ غَرِيبًا بَيْنَهُمْ، لَا يَعْرِفُهُ مِنْهُم إلَّا الْوَاحِدُ بَعْدَ الْوَاحِدِ.

وَمَعَ هَذَا فَطُوبَى لِمَن تَمَسَّكَ بِتِلْكَ الشَّرِيعَةِ كمَا أَمَرَ اللهُ وَرَسُولُهُ، فَإنَّ إظْهَارَهُ وَالْأَمْرَ بِهِ وَالْإِنْكَارَ عَلَى مَن خَالَفَهُ هُوَ بِحَسَبِ الْقُوَّةِ وَالْأَعْوَانِ (٢).

وَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ فِي النَّاسِ مَن حَصَلَ لَهُ سُوءٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِخِلَافِ مَا وَعَدَ اللهُ بِهِ رَسُولَهُ وَأَتْبَاعَهُ فَهَذَا مِن ذُنوبِهِ وَنَقْصِ إسْلَامِهِ؛ كَالْهَزِيمَةِ الَّتِي أَصَابَتْهُم يَوْمَ أُحُدٍ. [١٨/ ٢٩١ - ٢٩٩]

١٦٥٣ - هَذَا الْحَدِيثُ -اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ- قَد رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَد ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ فِي الْمَوْضُوعَاتِ، وَسَوَاءٌ صَحَّ لَفْظُهُ أَو لَمْ يَصِحَّ، فَالْمِسْكِينُ الْمَحْمُودُ هُوَ الْمُتَوَاضِعُ الْخَاشِعُ للهِ، لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَسْكَنَةِ عَدَمَ الْمَالِ؛ بَل قَد يَكُونُ الرَّجُلُ فَقِيرًا مِنَ الْمَالِ وَهُوَ جَبَّارٌ. [١٨/ ٣٢٦]

١٦٥٤ - فِي "الصَّحِيحَيْنِ" (٣) عَن أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ"، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، فَمَن لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: "يَعْمَلُ بِيَدِهِ، فَيَنْفعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدُّقُ" قَالُوا: فَإنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: "يُعِينُ ذَا الحَاجَةِ المَلْهُوفَ" قَالوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: "فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ (٤)، وَلْيُمْسِكْ عَنِ الشَرِّ، فَإنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ".


(١) وذلك لأنّ فتن الشهوات والشبهات كثيرة منتشرة، ولن ينجو منها إلا بالعلم بدين الله.
(٢) هذان شرطان مهمّان لمن يريد تغيير المنكر باليد والقوة:
١ - أنْ يكون قويًّا في دينه وعلمه وعزيمته.
٢ - أنْ يكون له أعوان يقفون معه، ويأمن بهم من بطش الفجار والفساق والكفرة.
(٣) رواه البخاري (١٤٤٥)، ومسلم (١٠٠٨).
(٤) وفي لفظ: "فَيَأْمُرُ بِالخَيْرِ بِالْمَعْرُوفِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>