للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَالِمٌ، وَلَا كَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَلَا أَمْثَالُهُ مِن الْأئِمَّةِ يَعْتَمِدُونَ عَلَى مِثْل هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي الشَّرِيعَةِ.

وَمَن نَقَلَ عَن أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ يَحْتَجُّ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ الَّذِي لَيْسَ بِصَحِيح وَلَا حَسَنٍ فَقَد غَلِطَ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ كَانَ فِي عُرْفِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَمَن قَبْلَهُ مِن الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْحَدِيثَ يَنْقَسِمُ إلَى نَوْعَيْنِ: صَحِيحٍ وَضَعِيفٍ.

وَالضَّعِيفُ عِنْدَهُم يَنْقَسِمُ إلَى ضَعِيفٍ مَتْرُوكٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَإِلَى ضَعِيفٍ حَسَنٍ، كَمَا أنَّ ضَعْفَ الْإِنْسَانِ بِالْمَرَضِ يَنْقَسِمُ إلَى مَرَضٍ مَخُوفٍ يَمْنَعُ التَّبَرُّعَ مِن رَأسِ الْمَالِ، وَإِلَى ضعِيفٍ خَفِيفٍ لَا يَمْنَعُ مِن ذَلِكَ.

وَأَوَّلُ مَن عُرِفَ أَنَّهُ قَسَّمَ الْحَدِيثَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ -صَحِيحٌ وَحَسَنٌ وَضَعِيفٌ- هوَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِي فِي جَامِعِهِ، وَالْحَسَنُ عِنْدَهُ مَا تَعَدَّدَتْ طُرُقُهُ وَلَمْ يَكُن فِي رُوَاتِهِ مُتَّهَمٌ وَلَيْسَ بِشَاذّ.

فَهَذَا الْحَدِيثُ وَأَمْثَالُهُ يُسَمِّيهِ أَحْمَدُ ضَعِيفًا ويَحْتَجُّ بِهِ؛ وَلهَذَا مَثَّلَ أَحْمَدُ الْحَدِيثَ الضعِيفَ الَّذِي يحْتَجُّ بِهِ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَحَدِيثِ إبْرَاهِيمَ الهجري وَنَحْوِهِمَا. [١/ ٢٥٠ - ٢٥٢]

١٦٦٩ - الْأَحَادِيثُ الَّتِي تُرْوَى فِي هَذَا الْبَابِ -وَهُوَ السُّؤَالُ بِنَفْسِ الْمَخْلُوقِينَ- هِيَ مِن الْأحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ الْوَاهِيَةِ بَل الْمَوْضُوعَةِ، وَلَا يُوجَدُ فِي أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ مَن احْتَجَّ بِهَا وَلَا اعْتَمَدَ عَلَيْهَا. [١/ ٢٥٢]

١٦٧٠ - إِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ فِيهِ مِن التَّسَاهُلِ وَالتَّسَامُحِ فِي بَابِ التَّصْحِيحِ، حَتَّى إنَّ تَصْحِيحَهُ دُونَ تَصْحِيحِ التّرْمِذِيِّ وَالدَّارَقُطْنِي وَأَمْثَالِهِمَا بِلَا نِزَاعٍ، فَكَيْفَ بِتَصْحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ؟

بَل تَصْحِيحُهُ دُونَ تَصْحِيحِ أَبِي بَكْرِ ابْنِ خُزَيْمَة، وَأَبِي حَاتِمِ ابْنِ حِبَّانَ البستي وَأَمْثَالِهِمَا؛ بَل تَصْحِيحُ الْحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ المقدسي فِي مُخْتَارِهِ خَيْرٌ مِن تَصْحِيحِ الْحَاكِمِ، فَكِتَابُهُ فِي هَذَا الْبَابِ خَيْرٌ مِن كِتَابِ الْحَاكِمِ بِلَا ريبٍ عِنْدَ مَن يَعْرِفُ الْحَدِيثَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>