للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَنَا أَقُولُ: أَمَّا هَذِهِ الْفُتْيَا فَهِيَ ثَابِتَةٌ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَبْلَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُمَا الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي كتُبِهِم.

وَأَمَّا رَفْعُهُ إلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَمُنْكَرٌ بَاطِلٌ لَا أَصْل لَهُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُم رَوَوْهُ عَن شَرِيكٍ مَوْقُوفًا، ثُمَّ شَرِيكٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -وَهُوَ ابْن أَبِي لَيْلَى- لَيْسَا فِي الْحِفْظِ بِذَاكَ، وَاَلَّذِينَ هُم أَعْلَمُ مِنْهُم بِعَطَاءِ مَثَلُ ابْنِ جريج الَّذِي هُوَ أَثْبَتُ فِيهِ مِن الْقُطْبِ وَغَيْرِهِ مِن الْمَكّيِّينَ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ إلَّا مَوْقُوفًا، وَهَذَا كُلُّهُ دَلِيلٌ عَلَى وَهْمِ تِلْكَ الرُّوَاةِ.

فَإِنْ قُلْت: أَلَيْس مِن الْأصُولِ الْمُسْتَقِرَّةِ أَنَّ زِيَادَةَ الْعَدْلِ مَقْبُولَةٌ، وَأَنَّ الْحُكْمَ لِمَن رَفَعَ لَا لِمَن وَقَفَ لِأَنَّهُ زَائِدٌ؟

قُلْت: هَذَا عِنْدَنَا حَقٌّ مَعَ تَكَافُؤِ الْمُحَدِّثِينَ الْمُخْبِرِينَ وَتَعَادُلِهِمْ، وَأَمَّا مَعَ زَيادَةِ عَدَدِ مَن لَمْ يَزِدْ فَقَد اخْتَلَفَ فِيهِ أَوَّلُونَا، وَفيهِ نَظَرٌ.

وَأَيْضًا: فَإنَّمَا ذَاكَ إذَا لَمْ تَتَصَادَم الرّوَايَتَانِ وَتَتَعَارَضَا، وَأَمَّا مَتَى تَعَارَضَتَا يَسْقُطُ رِوَايَةُ الْأَقَلِّ بِلَا ريبٍ، وَهَاهُنَا الْمَرْوِيُّ لَيْسَ هُوَ مُقَابَلًا بِكَوْنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَد قَالَهَا ثُمَّ قَالَهَا صَاحِبُهُ تَارَةً، تَارَةً ذَاكِرًا، وَتَارَةً آثِرًا، وَإِنَّمَا هُوَ حِكَايَةُ حَالٍ وَقَضِيَّةُ عَيْنٍ فِي رَجُلٍ اسْتَفْتَى عَلَى صُورَةٍ وَحُرُوفٍ مَأثُورَةٍ، فَالنَّاسُ ذَكَرُوا أَنَّ الْمُسْتَفْتِيَ ابْنُ عَبَّابر، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَرْفَعُهُ إلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَلَيْسَت الْقَضِيَّةُ إلَّا وَاحِدَةً، إذ لَو تَعَدَّدَت الْقَضِيَّةُ لَمَا أَهْمَلَ الثّقَاتُ الأثبات ذَلِكَ عَلَى مَا يُعْرَفُ مِن اهْتِمَامِهِمْ بِمِثْل ذَلِكَ.

وَأَيْضًا فَأَهْلُ نَقْدِ الْحَدِيثِ وَالْمَعْرِفَةِ بِهِ أَقْعَدُ بِذَلِكَ، وَلَيْسُوا يَشُكُّونَ فِي أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَهْمٌ. [٢١/ ٥٩٠ - ٥٩١]

١٧٢٦ - ما رُوِيَ عَن عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "إنَّمَا يُغْسَلُ الثَّوْبُ مِن الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالْمَنِيِّ وَالْقَيءِ". رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ: لَا أَصْلَ لَهُ.

فِي إسْنَادِهِ ثَابِتُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ الدارقطني: ضَعِيفٌ جِدًّا، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَهُ مَنَاكِيرُ. [٢١/ ٥٩٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>