للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِن النَّارِ تُرِيدُ أَنْ تُحْرِقَهُ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ بِالْعُوذَةِ الْمَعْرُوفَةِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَن أَبِي التَّيَّاحِ أنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَنْبَشٍ التَّمِيمِيِّ، وَكَانَ كَبِيرًا: أَدْرَكْتَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةَ كَادَتْهُ الشيَاطِينُ، فَقَالَ: إِنَ الشَّيَاطِينَ تَحَدَّرَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنَ الْأَوْدِيَةِ وَالشّعَابِ، وَفيهِمْ شَيْطَان بِيَدِهِ شُعْلَةُ نَارٍ، يُرِيدُ أَنْ يُحْرِقَ بِهَا وَجْهَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَهَبَطَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قُلْ، قَالَ: "مَا أقُولُ؟ " قَالَ: قُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ، وَمِن شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَمِن شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِن شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِن شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ، طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ، قَالَ: فَطَفِئَتْ نَارُهُمْ، وَهَزَمَهُمُ اللهُ تبَارَكَ وَتَعَالَى (١).

فَإِذَا كَانَت الشَّيَاطِينُ تَأْتِي الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِم الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِتُؤْذِيَهُم وَتُفْسِدَ عِبَادَتَهُم فَيَدْفَعُهُم اللهُ تَعَالَى بِمَا يُؤَيِّدُ بِهِ الْأَنْبِيَاءَ مِن الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ وَالْعِبَادَةِ وَمِن الْجِهَادِ بِالْيَدِ: فَكَيْفَ مَن هُوَ دُونَ الْأَنْبِيَاءِ؟

فَالنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- قَمَعَ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنّ بِمَا أَيَّدَهُ اللهُ تَعَالَى مِن أَنْوَاعِ الْعُلُومِ وَالْأَعْمَالِ، وَمِن أَعْظَمِهَا الصَّلَاةُ وَالْجِهَادُ، وَأَكْثَرُ أَحَادِيثِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الصَّلَاةِ وَالْجِهَادِ، فَمَن كَانَ مُتَّبِعًا لِلْأَنْبِيَاءِ نَصَرَهُ اللهُ سُبْحَانَهُ بِمَا نَصَرَ بِهِ الْأَنْبِيَاءَ (٢).

ومِنْهَا: أَنْ يَدْعُوَ الرَّائِي بِذَلِكَ رَبَّهُ تبَارَكَ وَتَعَالَى لِيُبَيّنَ لَهُ الْحَالَ.

ومِنْهَا: أَنْ يَقُولَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ: أَأَنْت فُلَانٌ؟ وَيُقْسِمُ عَلَيْهِ بِالْأَقْسامِ الْمُعَظَّمَةِ، وَيَقْرَأُ عَلَيْهِ قَوَارعَ الْقُرْآنِ.


(١) جزمُ الشيخ بالحديث واستشهاده به يدل على أنه يرى صحته، وقد صححه الألباني كما في صحيح الجامع الصغير ١/ ٧٦.
(٢) فمن ابتْلي بسحر أو وسواس أو عين فليلجأ إلى الله تعالى أولًا، ثم يتبع منهج الأنبياء في التعامل مع مثل هذا؛ كالصلاة والذكر والرقى، ثم يفعل الأسباب الحسية والطبية التي لا تُنافي الشرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>